من كتاب وصف إفريقيا لليون الافريقي:
ملاحظة: قد لا تتطابق بعض الأسماء مع الأماكن التي هي عليها اليوم مثل جبال موريتانيا(الريف) ، صحراء ليبيا (الصحراء الكبرى)، السودان (دول جنوب الصحراء)، نوميديا (بلاد الجريد أو الواحات).
نشر مرسوم يقضي بأن كل عربي يرغب في الهجرة إلى إفريقيا سيسمح له بذلك، على أن يدفع دينارا واحدا فقط عن نفسه و عن كل فرد من أسرته، و على أن يقسم يمينا بأن يعامل الثائر في إفريقيا معاملة الأعداء.
و على أثر ذلك اجتاز البلاد قرابة عشر قبائل، أو نصف سكان جزيرة العرب المقفرة. و كان من بينهم أيضا بعض من أفخاذ قبائل اليمن. و كان عدد الرجال القادرين على حمل السلاح يقارب الخمسين ألفا، باستثناء النساء و الأولاد و المواشي و كان عدد هؤلاء لا يحصى... اصطحب المنصور أهم رجالات العرب و أمراءهم إلى ممالك الغرب، فأقطع زعماءهم منطقة دكالة و أزغار و منح نوميديا لعامتهم و في الأزمنة التالية استرد عرب نوميديا، الذين كانوا عبيد النوميديين تقريبا، استردوا حريتهم و هيمنوا رغم أولئك على جزء من نوميديا الذي أقطعهم إياه المنصور، حتى أصبحوا يوسعون أراضييهم يوما بعد يوم. أما العرب الذين كانوا يسكنون أزغار و المناطق الأخرى من موريتانيا فقد استعبدوا، لأن العرب خارج الصحراء كالسمك خارج الماء ، و كانوا يودون الذهاب إلى الصحراء و لكن كان ذلك من المستحيل عليهم، لأن ممرات جبال الأطلس كانت تحت حراسة و سيطرة البربر. و من جهة أخرى كان عليهم أن يكفوا عن أي توسع في الأرياف، لأن عربا آخرين كانوا سادتها. و لهذا تخلوا عن كبريائهم و انصرفوا إلى رعي الماشية و زراعة الأرض. و لكنهم ظلوا يعيشون تحت الخيام لا تحت أكواخ أو بيوت ريفية. و بالإضافة إلى توسعهم أصبح عليهم أن يدفعوا سنويا ضرائب و عوائد لملك فاس. أما عرب دكالة الذين تحصنوا بكثرتهم فقد كانوا أحرارا و ما كانوا ملزمين بدفع أية ضريبة. و بقي قسم من العرب في منطقة تونس لأن المنصور رفض اصطحابهم معه. و بعد رحيله قام هؤلاء باحتلال تونس، و أصبحوا سادة البلاد و استمرت هيمنتهم إلى أن ثار بعض أمراء أسرة أبي حفص. فاتفق العرب معهم كي يتركوا لهم السلطة العليا بشرط أن يحصلوا على نصف الضرائب و منتجات الأرض التي ستنتزع من المملكة
تقسيم العرب الذين قدموا لسكنى إفريقيا و الذين دعوا بالعرب المتبربرين
ينتسب العرب الذين دخلوا إفريقيا إلى ثلاث قبائل. الأولى تدعى شاشين، و الثانية بني هلال و الثالثة معقل.
و تنقسم شاشين إلى ثلاثة أفخاذ هي: أثبج و سميت و سعيد.
و تتوزع اثبج بدورها بين ثلاثة فروع هي: دلّج و المنتفق و صبيح. و تنقسم هذه العشائر بدورها الى عدد لا حصر له من الطوائف.
أما بنو هلال من جهتهم، فينقسمون إلى أربعة فروع هي: بنو عامر، رياح، سفيان، غصين.
و يتوزع بنو عامر بين عروة و عقبة و هبرة و سلم.
و تضم رياح الدواودة و سويد و سجاع و هريت و الندر و الكرفة. و تتفتت هذه العشائر الأخيرة إلى عدد لا يحصى من العائلات.
و تنقسم معقل إلى ثلاثة فروع هي: مختار و عثمان و حسان.
فالمخاترة يتشعبون الى روحة و سليم.
و تنقسم عشيرة عثمان إلى الحسين و شنانة.
و تتوزع حسان بين دوى حسان، و دوى منصور، و دوى عبيد الله.
و تنقسم دوى حسان إلى دليم و الأوداية و البرابيش و الرحامنة و الحمر.
و تشتمل عشيرة بني منصور على العمارنة و المنبهة و الحسين و أبي الحسين.
و تنقسم دوى عبد الله بدورها إلى خراج و إلى حدج و إلى ثعلبة و إلى جعوان.
و جميع هذه العشائر مقسومة إلى عدد لا متناه من الفرق التي يصعب تذكرها بل يستحيل.
التوزع الأرضي للعرب- عددهم
لقد كانت أثبج أكثر العرب شرفا و أكثرهم أهمية. و هم الذين اختارهم المنصور كي يسكنوا دكالة و سهول تادلة. و في أيامنا هذه أصبحوا مرهقين بالضرائب تارة من ملك البرتغال و تارة أخرى من ملك فاس. و يبلغ عدد القادرين منهم على حمل السلاح 100000 رجل نصفهم من الخيالة.
أما سميت فقد مكثت في صحراء ليبيا التي تعتبر امتدادا لصحاري طرابلس. و كان من النادر أن يأتوا إلى بلاد البربر التي لم يكن لهم فيها أي نفوذ و ما كانت تنسب إليهم فيها أية مقاطعة. و هكذا يظلون على الدوام في الصحراء مع إبلهم. و عدد القادرين منهم على ممارسة الحرب يبلغ 90000 معظمهم من المشاة.
و تسكن عشيرة سعيد نفس صحاري ليبيا و يرتبطون بعلاقات صداقة و تجارة مع مملكة ورقلة. و يملكون عددا لا يحصى من الماشية و يصدرون اللحوم لكل المدن و القرى القريبة من صحاريهم، و يكون ذلك في الصيف، لأنهم لا يغادرون الصحراء في الشتاء. و يقاربون 150000 من حيث العدد و لكنهم لا يملكون سوى القليل من الجياد.
و تسكن دلّج عدة مناطق. و القسم الأعظم منهم يعيش على تخوم قيصرية و مملكة بجاية. و يتلقى هؤلاء العرب معونات من الأمراء و المجاورين. و يسكن أصغر جزء منهم سهل آدخسن على تخوم موريتانيا مع جبال الأطلس. و يدفع هؤلاء الضريبة لملك فاس. و تسكن المنتفق سهول آزغار. و يطلق عليهم اليوم اسم الخلوط و هم يدفعون الضريبة أيضا لملك فاس و يستطيعون تعبئة 8000 فارس مجهزين تجهيزا جيدا جدا. و تسكن صبيح، و أقصد أعظمهم أهمية و أرفعهم قدرا، بجوار تخوم مملكة الجزائر و يتلقون مساعدات من ملك تلمسان. و لهم في نوميديا بضع مناطق خاضعة لهم. و لا يقل عدد فرسانهم كثيرا عن 3000 فارس، و هم شجعان للغاية عند الصدام.
و لهؤلاء العرب أيضا عادة الانسحاب شتاء نحو الصحراء لأنهم يملكون كثيرا من الإبل.
و يسكن قسم آخر من صبيح في السهول الواقعة بين سلا و مكناس. و لهؤلاء أغنام و أبقار و يزرعون الأرض و يدفعون كذلك ضريبة لملك فاس، و يبلغ عدد فرسانهم 4000 فارس مجهزون أحسن جهاز.
قبيلة بني هلاك- مناطقهم
إن الفرع الرئيسي من قبيلة بني هلال هو فرع بني عامر. و يسكن هؤلاء العرب بجوار تخوم مملكتي تلمسان و وهران و ينتجعون نحو صحراء قرارة. و يستخدمهم ملك تلمسان في أعمال كثيرة مقابل أجور تدفع لهم، و هم أولو بأس شديد و ثروة واسعة، و فيهم 6000 فارس جميل الطلعة جيد التجهيز.
و تملك عشيرة عروة ضواحي مستغانم و رجالها متوحشون و لصوص و لباسهم رديء، و لا يبتعدون عن الصحراء، إذ ليس لديهم أراض خاصة بهم، و لا ينالون مساعدات في بلاد البربر. و لديهم قرابة 2000 فارس.
و تقيم عشيرة عقبة بضواحي مليانة. و ينالون بعض المساعدات الصغيرة من ملك تينس. و لكن هؤلاء عبارة عن سفاكين مجردين من كل عاطفة انسانية و فيهم حوالي 1000 فارس. و تسكن عشيرة هبرة السهل الواقع بين و هران و مستغانم. و هؤلاء مزارعون يدفعون الضريبة لملك تلمسان. و يستطيعون تقديم 1000 فارس. و تسكن مسلم صحراء مسيلة التي تمتد باتجاه مملكة بجاية، و يتلقون عائدات من مسيلة و من بعض البقاع الأخرى.
و تسكن رياح صحاري ليبيا الواقعة إلى الجنوب من قسنطينة. و تمتد سلطتهم على جزء من نوميديا. و ينقسمون الى ستة اقسام، و هم اشراف و حسنو التجهيز و بواسل في الحروب، و يتلقون مساعدات من ملك تونس، و فيهم 5000 فارس.
و تسكن سويد الصحاري التي تمتد نحو مملكة تينس، و لهم شهرة كبيرة و سلطة واسعة. و يخصص لهم ملك تينس معونات، و هم أشراف و بواسل و لديهم كل ما يحتاجون إليه.
و تخضع سجاع لقبائل عربية مختلفة، و يسكن عدد كبير منهم صحراء غارت مع العمارنة. و يسكن فرع منهم مع عرب دكالة و ضواحي آسفي و تسكن هريت سهول هلان بصحبة سيديمه و يضربون الجزية على سكان حاحه و هم فقراء معدمون. و يسكن الندر سهول حاحه. و لدى عرب حاحه هؤلاء حوالي 4000 فارس و كلهم من ذوي التجهيز الرديء. و نجد عشيرة الغرفة في نقاط مختلفة.
قبيلة معقل- أراضيها- عددها
تسكن عشيرة الروحة، و هي فرع من مختار، الصحاري المجاورة لدادس و فيركله . و هم فقراء لأنهم لا يملكون سوى القليل من الأراضي. غير أنهم محاربون أشداء راجلون، حتى إنهم يعتبرون من المعيب جدا أن ينهزم راجل واحد أمام فارسين.
و لا نجد واحدا منهم، مهما كان بطيء السير، يعجز عن أن يسير لغرضه بسرعة تقل عن أي فارس، مهما كان طول الطريق الذي يقطعه. و فيهم حوالي 500 فارس و 8000 راجل، و نقصد بذلك رجال الحرب .
و تسكن سليم قرب وادي الدرعة. و ينتجعون عبر الصحراء. و هم أغنياء و يذهبون مرة في كل عام مع سلعهم إلى تومبوكتو. و لدى هذه القبيلة الكثير من الأملاك في الدرعة و العديد من الأراضي الزراعية و عدد ضخم من الإبل. و فيهم حوالي 4000 فارس. و تسكن عشيرة الحسن على ضفاف المحيط عند تخوم ماسّه. و فيهم حوالي 500 فارس مجهزون أسوأ تجهيز. و يسكن قسم منهم أزغار. و أهل منطقة ماسّه أحرار في حين يخضع أهل إقليم أزغار لملك فاس.
و تسكن كنانة مع خلوط و يخضعون أيضا لملك فاس، و هم رجال أقوياء الشكيمة و لديهم كل ما هو ضروري، و فيهم 2000 فارس.
و ينقسم دوى حسان إلى دليم و البرابيش و الأوداية و دوى منصور و دوى عبيد الله . و تسكن الدليم صحراء ليبيا مع زناقة، و زناقة شعب إفريقي و ليس لهؤلاء العرب نفوذ و لا مورد. و هم كذلك بؤساء و من كبار اللصوص. و يذهبون أحيانا إلى منطقة درعة ليستبدلوا التمر بأنعامهم. و يلبسون رث الثياب. و يبلغ تعدادهم حوالي عشرة آلاف رجل منهم أربعمائة فارس و ستمائة راجل.
و تسكن البرابيش صحراء ليبيا في القسم الواقع باتجاه إقليم السوس، و هم كثر و فقراء، و لكن لديهم الكثير من الابل و هم يحكمون مقاطعة تيشيت التي لا يكفيهم دخلها حتى لتكاليف الحديد الذي يضعونه في حوافر القليل مما يملكونه من خيول.
و تسكن الأودايه الصحاري الواقعة بين وادان و ولّاته و لهم قيادة السود و عددهم لا يكاد يحصى، إذ يقدرون بحوالي 70000 رجل حرب، و لديهم القليل من الخيل. و يسيطر الرحامنة على الصحراء المجاورة لعكا، و لهم أيضا النفوذ على تيشيت حيث اعتادوا الذهاب إليها كل شتاء و عندهم كذلك القليل من الخيل. و يسكن الحمر صحراء تاغاوست و ينالون بعض المعونات من عمالة تاغاوست. و يجوبون الصحراء حتى نون و يقارب عدد محاربيهم 8000 رجل .
و ينقسم دوى حسان إلى دليم و البرابيش و الأوداية و دوى منصور و دوى عبيد الله . و تسكن الدليم صحراء ليبيا مع زناقة، و زناقة شعب إفريقي و ليس لهؤلاء العرب نفوذ و لا مورد. و هم كذلك بؤساء و من كبار اللصوص. و يذهبون أحيانا إلى منطقة درعة ليستبدلوا التمر بأنعامهم. و يلبسون رث الثياب. و يبلغ تعدادهم حوالي عشرة آلاف رجل منهم أربعمائة فارس و ستمائة راجل.
و تسكن البرابيش صحراء ليبيا في القسم الواقع باتجاه إقليم السوس، و هم كثر و فقراء، و لكن لديهم الكثير من الابل و هم يحكمون مقاطعة تيشيت التي لا يكفيهم دخلها حتى لتكاليف الحديد الذي يضعونه في حوافر القليل مما يملكونه من خيول.
و تسكن الأودايه الصحاري الواقعة بين وادان و ولّاته و لهم قيادة السود و عددهم لا يكاد يحصى، إذ يقدرون بحوالي 70000 رجل حرب، و لديهم القليل من الخيل. و يسيطر الرحامنة على الصحراء المجاورة لعكا، و لهم أيضا النفوذ على تيشيت حيث اعتادوا الذهاب إليها كل شتاء و عندهم كذلك القليل من الخيل. و يسكن الحمر صحراء تاغاوست و ينالون بعض المعونات من عمالة تاغاوست. و يجوبون الصحراء حتى نون و يقارب عدد محاربيهم 8000 رجل .
دوي منصور
تسكن عمران و هي فرع من دوي منصور في الصحاري المجاورة لسجلماسة و ينتجعون في صحراء ليبيا حتى إيغيدي . و يجبون الجزية من سكان سجلماسة و فيركله و تبلبلة و الدرعة. و لديهم الكثير من حدائق النخل و يستطيعون العيش كما يعيش الأمراء و يتمتعون بشهرة كبيرة. و فيهم حوالي 3000 فارس. و يعيش بين ظهرانيهم العديد من العرب الأقل غنى منهم، و لكنهم يملكون خيولا و مواشي بأعداد لا بأس بها. مثل عرب الكرفة و سجاع.
و لعشيرة حمرون فرع متفرد تمتد سلطته على بعض الأراضي الزراعية الواقعة في بلاد البربر. و يتجول هؤلاء حتى صحراء فيقيق. و تدر عليهم أراضيهم المزروعة و قراهم في نوميديا موارد كثيرة هامة. و يأتي هؤلاء العرب ليقيموا في الصيف في منطقة غارت على تخوم موريتانيا، في قسمها الشرقي. و هؤلاء الرجال شرفاء و على درجة قصوى من البسالة. و لهذا كان من عادة كل ملوك فاس تقريبا أن يتخذوا من بناتهم زوجات لهم، و بذلك عقدوا مع هؤلاء صلات قرابة. و تسكن منبه أيضا نفس صحراء فيقيق. و لهم السلطة على متغاره و الرتب و هما إقليمان من موريتانيا، و هؤلاء أيضا رجال شجعان و يجبون الضرائب من سكان سجلماسة، و يقدر عدد فرسانهم بألفين.
و تمت عشيرة الحسين أيضا بصلة النسب إلى دوى منصور. و تسكن بين جبال الأطلس. و منهم زعماء يملكون بضعة جبال مجهولة و مدنا و قصورا، أقطعهم إياها مختلف ملوك بني مرين، لأن هذه القبيلة قدمت عونا ممتازا لهذه الأسرة عندما ملك أفرادها زمام الحكم. و تمارس عشيرة الحسين سلطتها على مملكة فاس و سجلماسة. و يحكم زعيمهم مدينة تدعى غرسلوين و ينتجعون أيضا في صحراء الضهرة ، و هم أناس أغنياء و شجعان و يقدر عدد فرسانهم بحوالي 6000 فارس. و يعيش بينهم عرب آخرون يدينون لهم بالطاعة.
و تسكن عشيرة أبي الحسين جزئيا في صحراء الضهرة المذكورة و لا يملكون فيها الشيء الكثير. و هم على درجة من البؤس بحيث لا يستطيعون حتى البقاء تحت خيامهم في هذه الصحراء. و إذا كان من الصحيح القول بأنهم انشأوا بعض الملكيات الزراعية في صحراء ليبيا، فهم يعيشون هنا أيضا عيشة شظف، يعتورهم الجوع، و يدفعون بعض الإتاوات لأقاربهم.
دوي عبيد الله
تؤلف عشيرة الخراج جزءا من قبيلة عبيد الله. و يسكن هؤلاء العرب صحراء بني قومي و فيقيق. و يملكون الكثير من الأراضي الزراعية في نوميديا. و ينالون معونات من ملك تلمسان الذي يعمل جاهدا و بلا انقطاع لكي يعودهم على حياة هادئة شريفة، لأنهم قطاع طرق يغتالون تقريبا كل من يقع في أيديهم. و يؤلفون حوالي 4000 فارس.
و من عادتهم أن ينقلوا مخياتهم في الصيف إلى ضواحي تلمسان.
و تسكن ثعلبة سهل الجزائر. و ينتجعون إلى الصحراء حتى تغوات و قد كانت لهم السلطة على مدينتي الجزائر و دلّيس. أما في أيامنا فقد انتزعت هاتان المدينتان من أيديهم على يد بربروس و على أثر ذلك دمرت قبيلة ثعلبة. و قد كانت عشيرة نبيلة و باسلة في الحرب، و كانت تضم قرابة 3000 فارس.
و تسكن حدج في صحراء مجاورة لمدينة تلمسان و تدعى صحراء أنجاد، و ليس لديهم أملاك عقارية و لا ينالون مساعدات، و لا يعيشون إلا على القتل و السلب، و فيهم 500 فارس.
و يعيش الجعوان على شكل فصيلتين منفصلتين: الأولى مع خراج و الأخرى مع حدج. و لكنهم يعتبرون اتباعا لهم و يحتملون هذه التبعية بإذعان.
و الآن يجب علينا أن نوجه أنظاركم إلى أن
القبيلتين الأوليين، و هما الحكم و بنو هلال، هما من عرب نجد، و تنحدران من إسماعيل بن إبراهيم.
و يعود أصل القبيلة الثالثة، أي المعاقيل، إلى اليمن و أصلهم من سبأ.
و يعتبر المسلمون أن ولد سماعيل أكثر نبلا من السبئيين. و لهذا لا ينفك النزاع قائما بين القبيلتين على النبل، و قد نظمت في كلا الجانبين قصائد تحاورية يسرد فيها كل من الفريقين فضائله و أعماله المجيدة و مآثر قبيلته.
نمط حياة العرب الذين يسكنون إفريقيا و عاداتهم
للعرب عادات مخثلفة و أنماط حياة متباينة بقدر اختلاف المناطق التي يسكنونها.
فالعرب الذين يعيشون في نوميديا و في ليبيا يحيون حياة بائسة و هم في فقر شديد.
و لا يختلفون في ذلك عن السكان الأفارقة الذين سبق لنا الكلام عليهم. و لكن يمتازون عنهم بشجاعة كبيرة. و يمارسون تجارة الابل في بلاد السودان و لديهم أعداد كبيرة من الخيول، تلك الخيول التي نسميها في أوربا الخيل العربية. و يذهب هؤلاء العرب باستمرار لصيد الوعل ، و الحمار الوحشي، و النعام و اللمت ، و المها و الحيوانات الأخرى.
هذا و يجدر أن نشير إلى أن لدى القسم الأعظم من العرب في نوميديا شعراء مديدون ينظمون قصائد طويلة يتكلمون فيها عن حروبهم و عن قنصهم و عن أمور الحب و ذلك مع أناقة و عذوبة كبيرتين و تكون الأبيات مقفاة كأبيات الشعر العامي في إيطاليا.
و هؤلاء الناس كرماء و لكن ليس لديهم أي مورد لدعم شهرتهم و ممارسة الكرم، لأنهم يفتقرون إلى كل شىء في هذه الصحارى. و لباسهم مثل النوميديين. و نساؤهم وحدهن هن اللواتي يتميزن ببعض الاختلافات في اللباس عن النساء النوميديات، أي البربريات.
و كانت الصحاري التي يسكنها هؤلاء العرب، في الماضي، بأيدي أقوام إفريقية، و لكن حينما نفذت القبائل العربية إلى إفريقيا، طردت منها النوميديين بقوة السلاح.
فاقاموا في الصحاري المجاورة لواحات النخيل، في حين سكن النوميديون الصحاري المجاورة لبلاد السودان.
أما العرب الذين يسكنون أفريقيا بين جبال الأطلس و البحر المتوسط فهم أفضل حالا و أكثر غنى من العرب السابقين و خاصة فيما يتعلق بكسائهم، و بتجهيز خيولهم، و برونق خيامهم و اتساعها. و لديهم أيضا خيول أكثر جمالا بكثير من خيول سكان الصحراء، و لكن ليس لها نفس السرعة في العدو. و يحرث هؤلاء العرب أراضيهم و يستمدون منها الكثير من الحب، و لديهم عدد لا يحصى من الأغنام و الأبقار. و هذا هو السبب الذي يجعلهم يعجزون عن الاستقرار في بقعة واحدة، إذ ليس هناك ما يكفي من الأرض لرعي مثل هذا العدد من الماشية، غير أنهم مع هذا كرماء. و يخضع بعضهم، أي أولئك الذين يسكنون مملكة فاس، للملك و يدفعون له الضريبة. و ظل عرب بوادي مراكش و عرب دكّالة بعض الوقت معفين من أي تكليف، إلى أن احتل البرتغاليون اسفي و آزمور . و عندئذ انقسموا إلى أحزاب و وقعت فتن داخلية، قام على أثرها ملك فاس بإفناء أحد الأحزاب في حين قام ملك البرتغال بتدمير الفريق الآخر.
و فضلا عن ذلك فإن المجاعة التي سادت في السنوات الأخيرة في أفريقيا قد أرهقتهم كل الارهاق حتى أصبح هؤلاء الفقراء يهاجرون بمحض إرادتهم إلى البرتغال و يبيعون أنفسهم بيع الرقيق لمن يقدم لهم الطعام. و هكذا لم يبق أي واحد منهم في دكّالة .
أما العرب الذين يسكنون أفريقيا بين جبال الأطلس و البحر المتوسط فهم أفضل حالا و أكثر غنى من العرب السابقين و خاصة فيما يتعلق بكسائهم، و بتجهيز خيولهم، و برونق خيامهم و اتساعها. و لديهم أيضا خيول أكثر جمالا بكثير من خيول سكان الصحراء، و لكن ليس لها نفس السرعة في العدو. و يحرث هؤلاء العرب أراضيهم و يستمدون منها الكثير من الحب، و لديهم عدد لا يحصى من الأغنام و الأبقار. و هذا هو السبب الذي يجعلهم يعجزون عن الاستقرار في بقعة واحدة، إذ ليس هناك ما يكفي من الأرض لرعي مثل هذا العدد من الماشية، غير أنهم مع هذا كرماء. و يخضع بعضهم، أي أولئك الذين يسكنون مملكة فاس، للملك و يدفعون له الضريبة. و ظل عرب بوادي مراكش و عرب دكّالة بعض الوقت معفين من أي تكليف، إلى أن احتل البرتغاليون اسفي و آزمور . و عندئذ انقسموا إلى أحزاب و وقعت فتن داخلية، قام على أثرها ملك فاس بإفناء أحد الأحزاب في حين قام ملك البرتغال بتدمير الفريق الآخر.
و فضلا عن ذلك فإن المجاعة التي سادت في السنوات الأخيرة في أفريقيا قد أرهقتهم كل الارهاق حتى أصبح هؤلاء الفقراء يهاجرون بمحض إرادتهم إلى البرتغال و يبيعون أنفسهم بيع الرقيق لمن يقدم لهم الطعام. و هكذا لم يبق أي واحد منهم في دكّالة .
و لكن العرب الذين يشغلون الصحاري المجاورة لمملكتي تلمسان و تونس
يعيشون جميعا حسب أسلوب شيوخهم. و يتلقى كل أمير من أمرائهم معونات هامة من
الملك و يوزعها في عشيرته لتحاشى الشقاقات و للحفاظ على السلام و على
الوحدة. و يجب هؤلاء العرب أن يظهروا بثياب جيدة و بأن تكون خيولهم جيدة
التسريج. و خيامهم كبيرة و جميلة. و من عادتهم أن يقصدوا تونس في كل صيف كي
يمتاروا منها. و في شهر تشرين الأول (أكتوبر) و بعد أن يكونوا قد حصلوا
على كل ما هم بحاجة إليه من أقوات و أقمشة و سلاح يعودون أدراجهم إلى
الصحراء حيث يمضون الشتاء. و بعدئذ أي في الربيع يتلهون بالصيد بواسطة كلاب
و صقور، و يطاردون في صيدهم كل نوع من الحيوانات أو الطيور البرية. و قد
أقمت عندهم عدة مرات و حصلت منهم على الكثير من ألأقمشة و اوعية من النحاس و
من النحاس الأصفر .
و لكن لا ينبغي الاطمئنان إلى هؤلاء الناس، لأنهم قد يسلبونك و يقتلونك
مطمئنة نفوسهم إلى سلبك و قتلك على الرغم من المبالغة في مجاملتهم لك.
و هم يحبون القريض و يرددون في عربيتهم الدارجة ابياتا انيقة جدا على الرغم من ان لهجتهم قد حرفت عن اصولها. و يحترم الامراء أي شاعر له بعض الشهرة و يمنحونه جوائز جزيلة. و لست قادرا على التعبير عن النقاوة و الجمال اللذين يسكبونهما في ابياتهم.
و تكتسي نساء هؤلاء الاعراب كساء جميلا للغاية حسب طراز البلاد. و تتألف ثيابهن من قميص اسود عريض الكمّين يضعن فوقه خمارا من نفس اللون او من لون ازرق.
و يتغطين بهذا الخمار و يلففن به اجسادهن بصورة تصل معها حافته الى الكتفين من امام و من خلف، و هنا يكون مثبتا بدبابيس فضية مصنوعة بشكل فني رفيع. و يضعن في آذانهن اقراطا من فضة على شكل حلقات و خواتم في اصابعهن. و يضعن كذلك في سيقانهن خلاخيل طبقا لعادة الافارقة. و يضعن على وجوههن نقابا هو عبارة عن قطعة قماش صغيرة مثقوبة تجاه العينين. و عندما يظهر امامهن رجل غريب لا يمت لهن بصلة قرابة، فانهن يسرعن في اخفاء وجوههن بهذا الحجاب و يصمتن. و لكن يرفعن هذا الحجاب عندما يكن مغ از وجهن و اقاربهن.
و لما كان العرب ينتجعون من مكان لآخر، فهم يعمدون الى إركاب نسائهم فوق نوع من سروج مصنوعة على شكل قفة مغطاة بزرابي بديعة جدا ، و هذه القفاف صغيرة جدا حتى إنها لا تتسع لأكثر من امرأة واحدة. و عندما ينفرون لحروبهم ينطلقون إليها بصحبة نسائهم كي يستمدوا من وجودهن الشجاعة و حتى يذهب عنهن أكبر قدر من الخوف .
و من عاداتهن أن تخضب المرأة وجهها و صدرها و ذراعها و يديها حتى نهاية
الأصابع، و ذلك قبل الذهاب لرؤية زوجها، لأن في ذلك تعبيرا عن الذوق الرفيع
للغاية. و قد انتقلت هذه العادة إلى عرب إفريقيا بعد أن جاءوا ليستوطنوا
فيها و لم تكن معروفة لديهم قبل ذلك. و لكن هذه العادة غير مألوفة عند سكان
المدن و لا عند وجهاء البربر إذ تحتفظ نساؤهم ببياض وجوههن الطبيعي. و لكن
من الصحيح القول أيضا بأن نساءهم تستعملن خضابا مركبا من سخام الدخان لجوز
العفص او الزعفران يضعن منه فوق وسط الخد، و يرسمن به زينة مدورة كالدرهم
كما يرسمن به مثلثا فوق الحاجب.و هم يحبون القريض و يرددون في عربيتهم الدارجة ابياتا انيقة جدا على الرغم من ان لهجتهم قد حرفت عن اصولها. و يحترم الامراء أي شاعر له بعض الشهرة و يمنحونه جوائز جزيلة. و لست قادرا على التعبير عن النقاوة و الجمال اللذين يسكبونهما في ابياتهم.
و تكتسي نساء هؤلاء الاعراب كساء جميلا للغاية حسب طراز البلاد. و تتألف ثيابهن من قميص اسود عريض الكمّين يضعن فوقه خمارا من نفس اللون او من لون ازرق.
و يتغطين بهذا الخمار و يلففن به اجسادهن بصورة تصل معها حافته الى الكتفين من امام و من خلف، و هنا يكون مثبتا بدبابيس فضية مصنوعة بشكل فني رفيع. و يضعن في آذانهن اقراطا من فضة على شكل حلقات و خواتم في اصابعهن. و يضعن كذلك في سيقانهن خلاخيل طبقا لعادة الافارقة. و يضعن على وجوههن نقابا هو عبارة عن قطعة قماش صغيرة مثقوبة تجاه العينين. و عندما يظهر امامهن رجل غريب لا يمت لهن بصلة قرابة، فانهن يسرعن في اخفاء وجوههن بهذا الحجاب و يصمتن. و لكن يرفعن هذا الحجاب عندما يكن مغ از وجهن و اقاربهن.
و لما كان العرب ينتجعون من مكان لآخر، فهم يعمدون الى إركاب نسائهم فوق نوع من سروج مصنوعة على شكل قفة مغطاة بزرابي بديعة جدا ، و هذه القفاف صغيرة جدا حتى إنها لا تتسع لأكثر من امرأة واحدة. و عندما ينفرون لحروبهم ينطلقون إليها بصحبة نسائهم كي يستمدوا من وجودهن الشجاعة و حتى يذهب عنهن أكبر قدر من الخوف .
أما على الذقن فيرسمن شكلا يماثل ورقة الزيتون. و تعمد بعضهن إلى صبغ الحواجب تماما . و يمدح الشعراء العرب و الوجهاء هذا الزي كما نعتبره النسوة نوعا من الأناقة و الظرف. و لكنهن لا يحتفظن بهذا الخضاب لأكثر من يومين أو ثلاثة لأنهن لا يستطعن مقابلة الأبوين ما دام على وجوههن. و لكن للزوج و للأبناء الحق في رؤية المرأة في هذه الحالة، لأنهن يصنعن هذا كي بصبحن أكثر إثارة، و يتصورن أن هذا الزي يؤدي لزيادة جمالهن بشكل فريد.
العرب الذين يسكنون الصحارى الواقعة بين بلاد البربر و مصر
تبدو حياة هؤلاء العرب بائسة تماما لأن الأصقاع التي يسكنونها عقيمة و كالحة. و لديهم أغنام و إبل و لكنها لا تنتج سوى القليل بسبب ضآلة كمية المرعى. و رغم امتداد مجال تجوالهم فليس فيه أية أرض صالحة للزراعة. و مع ذلك نجد في هذه الصحارى بعض القرى الصغيرة التي تشابه المداشر حيث تقوم بعض حدائق النخيل الضئيلة جدا، و هنا يزرع قليل من القمح بل إن ما يزرع منه ليس شيئا مذكورا، و من أجل ذلك يكون سكان هذه المداشر مرهقين بالهموم و المشاكل الناجمة عن هيمنة العرب عليهم.
و كثيرا ما يأتي هؤلاء لمقايضة إبلهم و أغنامهم بالقمح، غير أن كمية القمح ضئيلة جدا بحيث لا تكفي لعدد ضخم كهؤلاء. و ينجم عن ذلك ان نجد في أغلب الأوقات، كثيرا من أبناء هؤلاء العرب عند الصقليين و قد تركوهم ضمانة و رهائن مقابل القمح الذي اقترضه هؤلاء الفقراء. و إذا عجزوا عن تسديد المبلغ المطلوب في نهاية المدة المحددة في السوق، يحتفظ الدائنون بالأولاد عبيدا لهم. و إذا رغب آباؤهم بافتدائهم فعليهم ان يدفعوا ثلاثة أمثال مبلغ الدين، و لهذا يضطرون غالبا الى التنازل عنهم، و يؤدي هذا الى أن هؤلاء العرب قد أصبحوا من أكثر القتلة في العالم شراسة. و كل غريب يقع في أيديهم يتعرض أولا لتجريده من كل ما يمكن ان يكون عليه ثم يباع الى الصقليين. و لم تعد أية قافلة تجرؤ على المرور من الساحل الذي يحاذي الصحراء التي يعيش فيها هؤلاء منذ مائة عام. و عندما يكون على قافلة ان تجتاز البلاد فعليها ان تمر من الداخل على مسافة 500 ميل تقريبا من البحر
و للتخلص من مخاطر هذا اللقاء، فقد واكبت كل ذلك الساحل عن طريق البحر مع ثلاثة مراكب تجارية. و عندما رآنا العرب تراكضوا نحو المرسي بدعوى انهم يرغبون عقد صفقات معنا يمكن ان تكون مفيدة لنا و لكن سوء ظننا بهم لم يشجع أي إنسان منا على النزول الى البر قبل ان يضعوا بعض أبنائهم بين أيدينا ضمانا. و بعد حصولنا على ذلك اشترينا كمية صغيرة من خرافهم و من سمنهم و أقلعنا بسرعة، خشية ان يدركنا قراصنة صقلية او جزيرة رودس.
______________________________________
ومن كتاب الاستقصا:
وَنقل الْمَنْصُور رَحمَه الله بني هِلَال وَبني جشم إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى حِين أَتَوْهُ طائعين وَكَانَ ذَلِك سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فَأنْزل قَبيلَة ريَاح من بني هِلَال بِبِلَاد الهبط فِيمَا بَين قصر كتامة الْمَعْرُوف بِالْقصرِ الْكَبِير إِلَى أزغار الْبَسِيط الأفيح هُنَاكَ إِلَى سَاحل الْبَحْر الْأَخْضَر فاستقروا بهَا وطاب لَهُم الْمقَام
وَأنزل قبائل جشم بِلَاد تامسنا الْبَسِيط الأفيح مَا بَين سلا ومراكش وَهُوَ أَوسط بِلَاد الْمغرب الْأَقْصَى وأبعدها عَن الثنايا المفضية إِلَى القفار لإحاطة جبل الدَّرن بهَا فَلم ييمموا بعْدهَا قفرا وَلَا أبعدوا رحْلَة
وَاعْلَم أَن هذَيْن البسيطين يسميان الْيَوْم فِي عرف عَامَّة أهل الْمغرب بالغرب والحوز فالغرب عبارَة عَن بِلَاد الهبط وأزغار وَمَا فِي حكمهَا والحوز عبارَة عَن بِلَاد تامسنا وَمَا اتَّصل بهَا إِلَى مراكش فَكَانَ لرياح بِلَاد الْمغرب وَكَانَ لجشم بِلَاد الْحَوْز
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire