mardi 28 mars 2017

العربي عند السلف



  • إن كان معروفا من هو العربي حين البعثة وقبلها فإنه مع الفتوح الإسلامية اختلط الأمر، فقد انقسمت العربية نسبا ولسانا ودارا، وابن تيمية يذكر أن أكثر الناس في زمانه مجهولو الأصل لا يدرون أمن نسل العرب هم أو من نسل العجم سواء كانوا عرب الدار واللسان أو عجما في أحدهما، وابن خلدون يذكر أن العرب الذين هاجروا إلى المغرب مثلا قد تفرقوا على القبائل، وكانت هجرات معاكسة كهجرة قبيلة كتامة المغربية إلى المشرق مع رابع الخلفاء الفاطميين المعز واختطوا القاهرة، ولم يتبق منهم في مواطنهم إلا القليل، لذلك أفلت المغرب من قبضتهم حينها.
  • فإذا كانت العربية قد انقسمت نسبا ولسانا ودارا فإن الأحكام تختلف باختلاف هذا الانقسام خصوصا النسب واللسان
    فإن ما ذكرناه من تحريم الصدقة على بني هاشم واستحقاق نصيب من الخمس ثبت لهم باعتبار النسب وإن صارت ألسنتهم أعجمية
  • وما ذكرنا من حكم اللسان العربي وأخلاق العرب يثبت لمن كان كذلك وإن كان أصله فارسيا وينتفي عمن لم يكن كذلك وإن كان أصله هاشميا
    والمقصود هنا أن ما ذكرته من النهي عن التشبه بالأعاجم إنما العبرة فيه بما كان عليه صدر الإسلام من السابقين الأولين فكل ما كان إلى هداهم أقرب فهو المفضل وكل ما خالف ذلك فهو المخالف سواء كان المخالف ذلك اليوم عربي النسب أو عربي اللسان وهكذا جاء عن السلف
    فروى الحافظ أبو طاهر السلفي في فضل العرب بإسناده عن أبي شهاب الحناط حدثنا جبار بن موسى عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي قال من ولد في الإسلام فهو عربي
    وهذا الذي يروى عن أبي جعفر لأن من ولد في الإسلام فقد ولد في دار العرب واعتاد خطابها وهكذا كان الأمر
    وروى السلفي عن المؤتمر الساجي عن أبي القاسم الخلال أنبأنا أبو محمد الحسن بن الحسين التولخي حدثنا علي بن عبد الله بن بشر حدثنا محمد بن حرب النشائي حدثنا إسحاق الأزرق عن هشام بن حسان عن الحسن عن أبي هريرة يرفعه قال من تكلم بالعربية فهو عربي ومن أدرك له اثنان في الإسلام فهو عربي هكذا فيه وأظنه ومن أدرك له أبوان
    فهنا إن صح هذا الحديث فقد علقت العربية فيه بمجرد اللسان وعلقت في النسب بأن يدرك له أبوان في الدولة الإسلامية العربية
    وقد يحتج بهذا القول أبو حنيفة على أن من ليس له أبوان في الإسلام أو في الحرية ليس كفؤا لمن له أبوان في ذلك وإن كان في العجمية والعتاقة
    ومذهب أبي يوسف ذو الأب الواحد كذي الأبوان
    ومذهب الشافعي وأحمد لا عبرة بذلك ونص عليه أحمد
  • لذلك فالعروبة شيء والنسب شيء آخر فليس بعربي من يتبنى ثقافة أعجمية وينسى العربية. كما أن أغلب علماء المسلمين كانوا من أصول غير عربية ينسبون إلى الفرس وإلى غيرهم وما خطوا حرفا واحدا بفارسية أو غيرها وكان لسانهم عربيا.
  • ومن تشبه من العرب بالعجم لحق بهم ومن تشبه من العجم بالعرب لحق بهم ولهذا كان الذين تناولوا العلم والإيمان من أبناء فارس إنما حصل ذلك بمتابعتهم للدين الحنيف بلوازمه من العربية وغيرها ومن نقص من العرب إنما نقص بتخليهم عن هذا وإما بموافقتهم للعجم فيما جاءت السنة أن يخالفوا فيه فهذا أوجه
    وأيضا فإن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان وصارت معرفته من الدين وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله
  • العربية لغة الإسلام
    جاء في اقتضاءالصراط لابن تيمية:
    ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية
    لقد اعتاد أهل الشام ومصر والعراق والمغرب العربية فأصبحوا عربا وترك أهل خراسان العربية فعادوا فرسا كما كانوا ومعهم من يساكنهم من الأصول العربية. لكن رغم مرور الزمن وتغير اللغات وتبدلها لا زالت العربية على حالها فقد حفظها الله بالقرآن، في حين تغيرت اللاتينية وتفرعت عنها عدة لغات رغم جهود الكنيسة من أجل الحفاظ عليها فلم يعد لرجال الدين أنفسهم دراية بها، ولازالت اللغات تتبدل وتتغير رغم اختراع المطابع التي حدت شيئا ما من هذا التغير، فتجد للفرنسية مثلا معاجم للقرن 14 ومعاجم للقرن 15 ... وبالأمس القريب كانت الأنجليزية لكن اليوم هناك أنجليزية وأمريكية. ورغم جمالية اللغة العربية وبنائها المنطقي تجد حاليا أبناءها معرضون عنها وظهرت حركات هنا وهناك مدعومة بالصهيونية تدعو إلى نبذ العربية وتبني بعض اللهجات كلغات رسمية، لأنها لغة الآباء والأجداد، فإن كانت اللاتينية لم تصمد فمن يضمن أن هذه اللهجات هي نفسها التي استعملها الأجداد؟ ومن يضمن أن العربية كانت لتصمد بدون القرآن؟ فأين هم الشعراء من عامة أعراب الجزيرة العربية وعربها؟
    لذلك فالعربية هي لغة الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية هي حضارة عربية.
    ولا تعارض مع أحكام الدين حين نسمي المغرب العربي فلا عبرة بالأنساب في هذا الحكم.
  • اعتياد الخطاب بغير العربية مكروه ومعرفتها فرض واجب
    من كتاب اقتضاء الصراط لابن تيمية:
    وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه
    ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه
    وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب فيظهر شعار الإسلام وأهله ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه.
    واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق
    وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
    ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية
    وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي
    وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم
    وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله

  • الأعراب جنسهم ناقص
وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل " التشبه بالبهائم " في الأمور المذمومة في الشرع مذموم منهي عنه : في أصواتها وأفعالها ; ونحو ذلك مثل : أن ينبح نبيح الكلاب ; أو ينهق نهيق الحمير ونحو ذلك . وذلك لوجوه : " أحدها " أنا قررنا في " اقتضاء الصراط المستقيم " نهي الشارع عن التشبه بالآدميين الذين جنسهم ناقص كالتشبه ; بالأعراب وبالأعاجم وبأهل الكتاب ونحو ذلك : في أمور من خصائصهم وبينا أن من أسباب ذلك أن المشابهة تورث مشابهة الأخلاق ; وذكرنا أن من أكثر عشرة بعض الدواب اكتسب من أخلاقها : كالكلابين والجمالين .

وذكرنا ما في النصوص من ذم أهل الجفاء وقسوة القلوب : أهل الإبل ومن مدح أهل الغنم ; فكيف يكون التشبه بنفس البهائم فيما هي مذمومة بل هذه القاعدة تقتضي بطريق التنبيه النهي عن التشبه بالبهائم مطلقا فيما هو من خصائصها وإن لم يكن مذموما بعينه ; لأن ذلك يدعو إلى فعل ما هو مذموم بعينه ; إذ من المعلوم أن كون الشخص أعرابيا أو عجميا خير من كونه كلبا أو حمارا أو خنزيرا فإذا وقع النهي عن التشبه بهذا الصنف من الآدميين في خصائصه ; لكون ذلك تشبها فيما يستلزم النقص ويدعو إليه : فالتشبه بالبهائم فيما هو من خصائصها أولى أن يكون مذموما ومنهيا عنه .

"صنف وَرَدَ النهي في السنة عن بعض خصاله، وهم الأعراب الذين لم يكمل دينهم.
فإن الأعراب- في الغالب- يتميزون بالجفاء والغلظة، والجهل بأحكام الله وحدوده، لذلك يكون فيهم الكفر والنفاق أشد من غيرهم.
فمن جهلهم- مثلًا- تسميتهم العشاء بالعتمة، كما ورد في السنة (1) وفعل المعاقرة خيلاء وفخرًا، وهم أسرع من غيرهم إلى العصبية الجاهلية والفخر بالأحساب، والطعن بالأنساب، كما أنهم أبعد عن الجمعة والجماعات، ونحو ذلك مما هو معروف عنهم، فكل هذه الصفات، التي توجد لدى الأعراب في الغالب، ولا تزال توجد لديهم غالبًا حتى الآن، يجب على المسلم أن يحذرها، ويحذر منها؛ لأن أغلبها صفات جاهلية، أو هي من سمات الجاهلية. وما هو من سمات الجاهلية وصفاتها التي محاها الإسلام فهو منهي عنه أيضًا.
"

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire