mercredi 29 mars 2017

البربر في معركة اليرموك

في معركة اليرموك كانت الجيوش الرومية مكونة من مرتزقة من مستعمراتهم وإن غاب جيش خاص بالبربر فيها فمؤكد أنهم شاركوا كأتباع لجرجير الافرنجي الذي كان يحكم كل شمال إفريقيا من طرابلس إلى طنجة واليا للروم عليها وبذلك كان البربر من بدأ الحرب مع المسلمين ونشطاء الحركة البربرية لا ينفكون يذكرون الفتح الاسلامي أنه غزو وعدوان والبادئ أظلم..

النوميديين‏

يطلق اللاتين عبارة النوميديين‏ (132) على كل القبائل الخمس التي سبق لنا الكلام عنها، و أقصد بذلك زناقة و الونزيقة و الطوارق و لمتونة و بردوه. و يعيشون جميعا على أسلوب واحد، بدون أية قاعدة و بدون أي تعقل‏ (133). و يتألف كساؤهم من «فوطة» ضيقة من صوف خشن. و يضع كل واحد فوق رأسه قطعة قماش سوداء ملفوفة حول‏ وجهه كالعمامة. أما الوجهاء و الشخصيات الهامة فيضعون قميصا كبيرا ذا أكمام عريضة، من قماش القطن الأزرق الذي يشترونه من تجار قادمين من السودان، و ذلك لكي يتميزوا عن الآخرين. و لا يركبون سوى الإبل و يستخدمون لهذا سرجا يضعونه بين السنام و بين عنق الحيوان‏ (134) و إنه لمنظر جميل أن يرى الإنسان هؤلاء الناس راكبين جمالهم. و أحيانا يضعون ساقا فوق ساق على عنق الجمل، و أحيانا أخرى يضعون أقدامهم في سيور مربوطة بالسرج بدون ركابات‏ (135) و يستخدمون سهما مربعا من الحديد مثبتا في نهاية عصا طولها ذراع‏ (136) و لكنهم لا يوخزون بها الحيوانات إلا في اكتافها. و لإبل الركوب، أي الهجن، منخار مثقوب، على طريقة بعض الجواميس التي ترى في إيطاليا و يمرر في هذا الثقب شريط من الجلد يمكن بواسطته تدوير الجمل أو توجيهه كما يقاد الجواد باللجام. و يستعمل هؤلاء الناس لنومهم حصرا من خيزران ناعمة جدا. و يصنعون خيامهم من وبر الجمل و من ألياف خشنة تنمو بين براعم النخيل العليا (137). أما غذاؤهم فلا يستطيع من لم يرهم أن يتصور مدى صبرهم على تحمل الجوع. فليس من عادتهم أكل الخبز أو أية وجبة مجهزة، إذ يتغذون بحليب نوقهم. و العادة أن يشربوا صباحا صحفة كبيرة من الحليب الحار بمجرد خروجه من الضرع. أما في المساء فيتألف عشاؤهم من لحم مقدد مغلي في الحليب مع السمن. و عندما ينضج اللحم يتناول كل واحد نصيبه باليد.
و بعد أن يأكل قطعة يشرب المرق مستخدما يده ملعقة. و بعد ذلك يرشف صحفة من الحليب و تنتهي الوجبة. و عندما يكون الحليب متوافرا لديهم لا يهتمون مطلقا بالماء، و لا سيما في الربيع، و هي الفترة التي لا يغسل فيها بعضهم يده و لا وجهه بالماء. و ذلك لأنهم في هذا الفصل لا يقصدون مناطق تتوافر فيها المياه، و هم ينزلون في هذه المناطق لتوافر الحليب عندهم من جهة، و لأن الإبل من جهة أخرى لا تحتاج في هذا الفصل إلى الماء لأنها تأكل حينئذ العشب الأخضر (138)
و تجري حياة هؤلاء البدو في الصيد أو في سرقة إبل أعدائهم. و لا يتوقفون في أي مكان أكثر من ثلاثة أو أربعة أيام، أي في أثناء الوقت الكافي لكي ترعى إبلهم العشب الذي تجده هناك.
و مع أننا ذكرنا أن هؤلاء لا يخضعون لنظام و لا قانون، فإن لكل من هذه الأقوام أميرها، و هو ملك يدينون له بالطاعة المطلقة و يؤدون له واجب الاحترام‏ (139).
و هؤلاء أناس جهلة تماما لا يعرفون شيئا، فهم لا يجهلون الآداب فحسب، بل يجهلون كذلك الفنون و سائر المعارف الأخرى. و من الصعوبة بمكان أن يعثر الإنسان في العشيرة كلها على حاكم يكون مؤهلا للفصل في نزاع، حتى إن أحدهم لو تورط في دعوى أو كان ضحية أذى ما فإنه يكون مضطرا أن يمضي ستة أيام على الطريق فوق جمله كي يصل إلى خيمة القاضي. و يتأتى هذا الجهل عن أن هؤلاء الرجال لا يخصصون أي وقت للدراسات و لا يحبون الخروج من صحاريهم كي يتثقفوا. و لا يأتي القضاة إلا مكرهين عند هؤلاء الأوشاب، و هم لا يستطيعون تحمل عاداتهم و نمط حياتهم. أما أولئك الذين يأتون إليهم راغبين فيتقاضون أجرا عاليا جدا، إذ ينال كل واحد منهم ألفي دينار (140) فى العام أو أكثر أو أقل حسب تفاوت كفاءته.
و يلبس أشراف هؤلاء الرعاع فوق رؤوسهم، كما قلت، لثاما أسود يغطون وجوههم كلها بقسم منه حتى لا تظهر من خلاله سوى عيونهم، و يحافظون على هذا الوضع حتى عندما يريدون تناول طعامهم. ففي كل مرة يتناولون فيها لقمة يكشفون عن فمهم ثم يسترونه في الحال. و يقدمون لتبرير هذه العادة الزعم التالي: كما أن من العيب بالنسبة للرجل أن يرى و هو يطرد غذاءه بعد هضمه، و كذلك من المعيب أن يرى‏ 
و هو يدخل الغذاء إلى جوفه‏ (141).
و تتميز نساؤهم ببدانة شديدة و بالسمنة، و لكنهن غير بيضاوات كثيرا. و لهن كفل ناهد و سمين و الثديان كذلك، و لكن قوامهن دقيق للغاية (142)، و هن سيدات لطيفات جدا.
و عند الحديث يمددن إليك أيديهن عن طيب خاطر. و يندفعن في الملاطفة أحيانا حتى السماح بتقبيلهن، و لكن سيكون من الخطورة بمكان التمادي أكثر من ذلك، لأن الرجال يقتتلون بلا رحمة مدفوعين بأسباب من هذا القبيل. و حول هذا الموضوع يظهرون أكثر تعقلا من بعض الناس منا. و هم يعزفون كل العزوف عن أن تظهر لهم قرون‏ (143). و هو شعب مضياف جدا. و لا يستطيع إنسان أن يمر في مخيماتهم بسبب جفاف بقاعهم، و لأنهم يتحاشون الطرق الرئيسية. و لكن القوافل التي تخترق صحاريهم مضطرة لدفع رسوم لأمرائهم، و هي عبارة عن قطعة قماش، تبلغ قيمتها دينارا واحد عن كل حمل جمل‏ (144).
و قد مررت من هناك قبل بضعة أعوام ضمن قافلة مع مسافرين آخرين‏ (145)، و عندما بلغنا سهل أروان، قدم أمير زناقه لملاقاتنا مصحوبا بخمسمائة رجل، و كلهم على‏ 
متن الهجن، و بعد أن استلم منا العوائد دعا كل القافلة لمرافقته حتى خيامه و البقاء فيها مدة ثلاثة أيام كي تستريح. و لما كان مخيمه على مسافة ثمانين ميلا (146) خارج طريقنا، و لما كانت جمالنا مثقلة بالأحمال، لم يرغب التجار في قبول دعوته كيلا يطيلوا الطريق، و لكن نظرا لإصرار الأمير على استضافتنا فقد تقرر أن يتابع الجمالة سفرهم مع حيواناتهم و أن يذهب التجار معه. و ما إن بلغنا المخيم حتى أمر هذا الرجل الكريم بنحر بضعة جمال، بين كبير و صغير، و نفس العدد من الخراف و بعض طير النعام التي اقتنصها في أثناء الطريق. و ذكر التجار للأمير بأنه لا داعي لذبح جمال، إذ ليس من عادتهم أن يأكلوا غير لحم الخراف. فأجابهم بأن عادتهم لا ترى من المناسب الاكتفاء بذبح صغار الماشية في وليمة، و لا سيما بالنسبة لنا باعتبارنا غرباء، فضلا عن أننا نزلنا في مخيمه. و هكذا أكلنا ما قدم لنا. و لكن الطعام الرئيسي في هذه الوليمة كان يتألف من لحوم مشوية و مسلوقة.
و كان اللحم المقدم على المائدة يتألف من شرائح متبلة بالأعشاب و بكمية طيبة من توابل بلاد السودان. و كان الخبز مصنوعا من دقيق غاية في النعومة من الذرة البيضاء و الدخن.
و في نهاية الطعام قدمت لنا التمور بكثرة مع آنية كبيرة مليئة بالحليب. و رغب الأمير كثيرا في أن يشرف الوليمة بحضوره مع طائفة من سراة القوم من حاشيته و بعض أقاربه، و لكنهم أكلوا على حدة. و استقدم بعض الفقهاء و الأدباء الذين كانوا هناك و أجلسهم بجواره. و لم يمس أي نوميدي الخبز في أثناء الطعام، إذ لم يتناولوا سوى اللحم و الحليب.
و عند ما لاحظ الأمير علينا الدهشة و الاستغراب الشديد، راح يشرح لنا ذلك بكل ملاطفة قائلا: «إنه ولد في هذه الصحاري حيث لا ينبت أي نوع من الحبوب، و أن الناس كانوا يتغذون بما تنتجه أرضهم. و قال لنا إنه يمتار كل سنة كمية من الحبوب كي يكرم الغرباء الذين يمرون ببلاده. غير أنه من الصحيح القول إن من عادتهم أكل الخبز في أيام بعض الأعياد الكبرى كعيد الفطر و عيد الأضحى‏ (147).
و بعد أن أمسك بنا الأمير لمدة يومين في مخيمه و أحاطنا دوما بالكثير من الرعاية و عاملنا بإكرام و حفاوة، سمح لنا بالذهاب في اليوم الثالث. و أراد أن يرافقنا شخصيا حتى القافلة. و سأقول لكم إن الحقيقة هي أن ثمن الحيوانات التي نحرها لإطعامنا كان‏ 
يساوي عشرة أضعاف ما دفعناه له رسم مرور. و قد كان هذا الأمير نبيلا و بشوشا في تصرفه و في حديثه. و نظرا لعدم فهمه لساننا، و عدم فهمنا لغته، فقد كان من اللازم أن يكون بيننا ترجمان. و هذا النمط من المعيشة و العادات التي وصفناها لدى هؤلاء القوم مطابق لما تسير عليه القبائل الأربع الأخرى المبعثرة في صحاري نوميديا.

التوزع الأرضي للعرب في المغرب- عددهم‏


من كتاب وصف إفريقيا لليون الافريقي:
ملاحظة: قد لا تتطابق بعض الأسماء مع الأماكن التي هي عليها اليوم مثل جبال موريتانيا(الريف) ، صحراء ليبيا (الصحراء الكبرى)، السودان (دول جنوب الصحراء)، نوميديا (بلاد الجريد أو الواحات).

نشر مرسوم يقضي بأن كل عربي يرغب في الهجرة إلى إفريقيا سيسمح له بذلك، على أن يدفع دينارا واحدا فقط عن نفسه و عن كل فرد من أسرته، و على أن يقسم يمينا بأن يعامل الثائر في إفريقيا معاملة الأعداء.
و على أثر ذلك اجتاز البلاد قرابة عشر قبائل، أو نصف سكان جزيرة العرب المقفرة. و كان من بينهم أيضا بعض من أفخاذ قبائل اليمن. و كان عدد الرجال القادرين‏ 
على حمل السلاح يقارب الخمسين ألفا، باستثناء النساء و الأولاد و المواشي و كان عدد هؤلاء لا يحصى... اصطحب المنصور أهم رجالات العرب و أمراءهم إلى ممالك الغرب، فأقطع زعماءهم منطقة دكالة و أزغار و منح نوميديا لعامتهم‏ و في الأزمنة التالية استرد عرب نوميديا، الذين كانوا عبيد النوميديين تقريبا، استردوا حريتهم و هيمنوا رغم أولئك على جزء من نوميديا الذي أقطعهم إياه المنصور، حتى أصبحوا يوسعون أراضييهم يوما بعد يوم. أما العرب الذين كانوا يسكنون أزغار و المناطق الأخرى من موريتانيا فقد استعبدوا، لأن العرب خارج الصحراء كالسمك خارج الماء ، و كانوا يودون الذهاب إلى الصحراء و لكن كان ذلك من المستحيل عليهم، لأن ممرات جبال الأطلس كانت تحت حراسة و سيطرة البربر. و من جهة أخرى كان عليهم أن يكفوا عن أي توسع في الأرياف، لأن عربا آخرين كانوا سادتها. و لهذا تخلوا عن كبريائهم و انصرفوا إلى رعي الماشية و زراعة الأرض. و لكنهم ظلوا يعيشون تحت الخيام لا تحت أكواخ أو بيوت ريفية. و بالإضافة إلى توسعهم أصبح عليهم أن يدفعوا سنويا ضرائب و عوائد لملك فاس. أما عرب دكالة الذين تحصنوا بكثرتهم فقد كانوا أحرارا و ما كانوا ملزمين بدفع أية ضريبة. و بقي قسم من العرب في منطقة تونس لأن المنصور رفض اصطحابهم معه. و بعد رحيله قام هؤلاء باحتلال تونس، و أصبحوا سادة البلاد و استمرت هيمنتهم إلى أن ثار بعض أمراء أسرة أبي حفص. فاتفق العرب معهم كي يتركوا لهم السلطة العليا بشرط أن يحصلوا على نصف الضرائب و منتجات الأرض التي ستنتزع من المملكة 

تقسيم العرب الذين قدموا لسكنى إفريقيا و الذين دعوا بالعرب المتبربرين‏


ينتسب العرب الذين دخلوا إفريقيا إلى ثلاث قبائل. الأولى تدعى شاشين، و الثانية بني هلال و الثالثة معقل‏.
و تنقسم شاشين إلى ثلاثة أفخاذ هي: أثبج و سميت و سعيد.

و تتوزع اثبج بدورها بين ثلاثة فروع هي: دلّج و المنتفق و صبيح. و تنقسم هذه العشائر بدورها الى عدد لا حصر له من الطوائف.
أما بنو هلال من جهتهم، فينقسمون إلى أربعة فروع هي: بنو عامر، رياح، سفيان، غصين.
و يتوزع بنو عامر بين عروة و عقبة و هبرة و سلم.
و تضم رياح الدواودة و سويد و سجاع و هريت و الندر و الكرفة. و تتفتت هذه العشائر الأخيرة إلى عدد لا يحصى من العائلات.
و تنقسم معقل إلى ثلاثة فروع هي: مختار و عثمان و حسان.
فالمخاترة يتشعبون الى روحة و سليم.
و تنقسم عشيرة عثمان إلى الحسين و شنانة.
و تتوزع حسان بين دوى حسان، و دوى منصور، و دوى عبيد الله.
و تنقسم دوى حسان إلى دليم و الأوداية و البرابيش و الرحامنة و الحمر.
و تشتمل عشيرة بني منصور على العمارنة و المنبهة و الحسين و أبي الحسين.
و تنقسم دوى عبد الله بدورها إلى خراج و إلى حدج و إلى ثعلبة و إلى جعوان.
و جميع هذه العشائر مقسومة إلى عدد لا متناه من الفرق التي يصعب تذكرها بل يستحيل.

التوزع الأرضي للعرب- عددهم‏


لقد كانت أثبج أكثر العرب شرفا و أكثرهم أهمية. و هم الذين اختارهم المنصور  كي يسكنوا دكالة و سهول تادلة. و في أيامنا هذه أصبحوا مرهقين بالضرائب تارة من ملك البرتغال و تارة أخرى من ملك فاس. و يبلغ عدد القادرين منهم على حمل السلاح 100000 رجل نصفهم من الخيالة. 

أما سميت فقد مكثت في صحراء ليبيا التي‏ تعتبر امتدادا لصحاري طرابلس. و كان من النادر أن يأتوا إلى بلاد البربر التي لم يكن لهم فيها أي نفوذ و ما كانت تنسب إليهم فيها أية مقاطعة. و هكذا يظلون على الدوام في الصحراء مع إبلهم. و عدد القادرين منهم على ممارسة الحرب يبلغ 90000 معظمهم من المشاة.
و تسكن عشيرة سعيد نفس صحاري ليبيا و يرتبطون بعلاقات صداقة و تجارة مع مملكة ورقلة. و يملكون عددا لا يحصى من الماشية و يصدرون اللحوم لكل المدن و القرى القريبة من صحاريهم، و يكون ذلك في الصيف، لأنهم لا يغادرون الصحراء في الشتاء. و يقاربون 150000 من حيث العدد و لكنهم لا يملكون سوى القليل من الجياد.
و تسكن دلّج عدة مناطق. و القسم الأعظم منهم يعيش على تخوم قيصرية و مملكة بجاية. و يتلقى هؤلاء العرب معونات من الأمراء و المجاورين. و يسكن أصغر جزء منهم سهل آدخسن‏ على تخوم موريتانيا مع جبال الأطلس. و يدفع هؤلاء الضريبة لملك فاس. و تسكن المنتفق سهول آزغار. و يطلق عليهم اليوم اسم الخلوط و هم يدفعون الضريبة أيضا لملك فاس و يستطيعون تعبئة 8000 فارس مجهزين تجهيزا جيدا جدا. و تسكن صبيح، و أقصد أعظمهم أهمية و أرفعهم قدرا، بجوار تخوم مملكة الجزائر و يتلقون مساعدات من ملك تلمسان. و لهم في نوميديا بضع مناطق خاضعة لهم. و لا يقل عدد فرسانهم كثيرا عن 3000 فارس، و هم شجعان للغاية عند الصدام.
و لهؤلاء العرب أيضا عادة الانسحاب شتاء نحو الصحراء لأنهم يملكون كثيرا من الإبل.
و يسكن قسم آخر من صبيح في السهول الواقعة بين سلا و مكناس. و لهؤلاء أغنام و أبقار و يزرعون الأرض و يدفعون كذلك ضريبة لملك فاس، و يبلغ عدد فرسانهم 4000 فارس مجهزون أحسن جهاز.


قبيلة بني هلاك- مناطقهم‏


إن الفرع الرئيسي من قبيلة بني هلال هو فرع بني عامر. و يسكن هؤلاء العرب بجوار تخوم مملكتي تلمسان و وهران و ينتجعون نحو صحراء قرارة. و يستخدمهم ملك تلمسان في أعمال كثيرة مقابل أجور تدفع لهم، و هم أولو بأس شديد و ثروة واسعة، و فيهم 6000 فارس جميل الطلعة جيد التجهيز. 

و تملك عشيرة عروة ضواحي مستغانم و رجالها متوحشون و لصوص و لباسهم ردي‏ء، و لا يبتعدون عن الصحراء، إذ ليس لديهم أراض خاصة بهم، و لا ينالون مساعدات في بلاد البربر. و لديهم قرابة 2000 فارس.
و تقيم عشيرة عقبة بضواحي مليانة. و ينالون بعض المساعدات الصغيرة من ملك تينس. و لكن هؤلاء عبارة عن سفاكين مجردين من كل عاطفة انسانية و فيهم حوالي 1000 فارس. و تسكن عشيرة هبرة السهل الواقع بين و هران و مستغانم. و هؤلاء مزارعون يدفعون الضريبة لملك تلمسان. و يستطيعون تقديم 1000 فارس. و تسكن مسلم صحراء مسيلة التي تمتد باتجاه مملكة بجاية، و يتلقون عائدات من مسيلة و من بعض البقاع الأخرى.
و تسكن رياح صحاري ليبيا الواقعة إلى الجنوب من قسنطينة. و تمتد سلطتهم على جزء من نوميديا. و ينقسمون الى ستة اقسام، و هم اشراف و حسنو التجهيز و بواسل في الحروب، و يتلقون مساعدات من ملك تونس، و فيهم 5000 فارس.
و تسكن سويد الصحاري التي تمتد نحو مملكة تينس، و لهم شهرة كبيرة و سلطة واسعة. و يخصص لهم ملك تينس معونات، و هم أشراف و بواسل و لديهم كل ما يحتاجون إليه.
و تخضع سجاع لقبائل عربية مختلفة، و يسكن عدد كبير منهم صحراء غارت مع العمارنة. و يسكن فرع منهم مع عرب دكالة و ضواحي آسفي‏  
و تسكن هريت سهول هلان بصحبة سيديمه و يضربون الجزية على سكان حاحه‏ و هم فقراء معدمون. و يسكن الندر سهول حاحه. و لدى عرب حاحه هؤلاء حوالي 4000 فارس و كلهم من ذوي التجهيز الردي‏ء. و نجد عشيرة الغرفة في نقاط مختلفة.
و لا رؤساء لهم بل هم مختلطون مع قبائل اخرى، و لا سيما مع منبه و العمارنة و هؤلاء الذين ينقلون تمور سجلماسة إلى مملكة فاس حيث يعودون إلى سجلماسة مع الأقوات الضرورية.

قبيلة معقل- أراضيها- عددها


تسكن عشيرة الروحة، و هي فرع من مختار، الصحاري المجاورة لدادس و فيركله‏ . و هم فقراء لأنهم لا يملكون سوى القليل من الأراضي. غير أنهم محاربون أشداء راجلون، حتى إنهم يعتبرون من المعيب جدا أن ينهزم راجل واحد أمام فارسين.
و لا نجد واحدا منهم، مهما كان بطي‏ء السير، يعجز عن أن يسير لغرضه بسرعة تقل عن أي فارس، مهما كان طول الطريق الذي يقطعه. و فيهم حوالي 500 فارس و 8000 راجل، و نقصد بذلك رجال الحرب‏ .
و تسكن سليم قرب وادي الدرعة. و ينتجعون عبر الصحراء. و هم أغنياء و يذهبون مرة في كل عام مع سلعهم إلى تومبوكتو. و لدى هذه القبيلة الكثير من الأملاك في الدرعة و العديد من الأراضي الزراعية و عدد ضخم من الإبل. و فيهم حوالي 4000 فارس. و تسكن عشيرة الحسن على ضفاف المحيط عند تخوم ماسّه. و فيهم حوالي 500 فارس مجهزون أسوأ تجهيز. و يسكن قسم منهم أزغار. و أهل منطقة ماسّه أحرار في حين يخضع أهل إقليم أزغار لملك فاس.

و تسكن كنانة مع خلوط و يخضعون أيضا لملك فاس، و هم رجال أقوياء الشكيمة و لديهم كل ما هو ضروري، و فيهم 2000 فارس.
و ينقسم دوى حسان‏ إلى دليم‏ و البرابيش و الأوداية و دوى منصور و دوى عبيد الله‏ . و تسكن الدليم صحراء ليبيا مع زناقة، و زناقة شعب إفريقي و ليس لهؤلاء العرب نفوذ و لا مورد. و هم كذلك بؤساء و من كبار اللصوص. و يذهبون أحيانا إلى منطقة درعة ليستبدلوا التمر بأنعامهم. و يلبسون رث الثياب. و يبلغ تعدادهم حوالي عشرة آلاف رجل منهم أربعمائة فارس و ستمائة راجل.
و تسكن البرابيش صحراء ليبيا في القسم الواقع باتجاه إقليم السوس، و هم كثر و فقراء، و لكن لديهم الكثير من الابل و هم يحكمون مقاطعة تيشيت‏  التي لا يكفيهم دخلها حتى لتكاليف الحديد الذي يضعونه في حوافر القليل مما يملكونه من خيول.
و تسكن الأودايه‏  الصحاري الواقعة بين وادان و ولّاته و لهم قيادة السود و عددهم لا يكاد يحصى، إذ يقدرون بحوالي 70000 رجل حرب، و لديهم القليل من الخيل. و يسيطر الرحامنة على الصحراء المجاورة لعكا، و لهم أيضا النفوذ على تيشيت حيث اعتادوا الذهاب إليها كل شتاء و عندهم كذلك القليل من الخيل. و يسكن الحمر صحراء تاغاوست و ينالون بعض المعونات من عمالة تاغاوست. و يجوبون الصحراء حتى نون و يقارب عدد محاربيهم 8000 رجل‏ .

دوي منصور


تسكن عمران و هي فرع من دوي منصور في الصحاري المجاورة لسجلماسة و ينتجعون في صحراء ليبيا حتى إيغيدي‏ . و يجبون الجزية من سكان سجلماسة و فيركله و تبلبلة و الدرعة. و لديهم الكثير من حدائق النخل و يستطيعون العيش كما يعيش الأمراء و يتمتعون بشهرة كبيرة. و فيهم حوالي 3000 فارس. و يعيش بين ظهرانيهم العديد من العرب الأقل غنى منهم، و لكنهم يملكون خيولا و مواشي بأعداد لا بأس بها. مثل عرب الكرفة و سجاع.
و لعشيرة حمرون فرع متفرد تمتد سلطته على بعض الأراضي الزراعية الواقعة في بلاد البربر. و يتجول هؤلاء حتى صحراء فيقيق. و تدر عليهم أراضيهم المزروعة و قراهم في نوميديا موارد كثيرة هامة. و يأتي هؤلاء العرب ليقيموا في الصيف في منطقة غارت على تخوم موريتانيا، في قسمها الشرقي. و هؤلاء الرجال شرفاء و على درجة قصوى من البسالة. و لهذا كان من عادة كل ملوك فاس تقريبا أن يتخذوا من بناتهم زوجات لهم، و بذلك عقدوا مع هؤلاء صلات قرابة. و تسكن منبه أيضا نفس صحراء فيقيق. و لهم السلطة على متغاره و الرتب و هما إقليمان من موريتانيا، و هؤلاء أيضا رجال شجعان و يجبون الضرائب من سكان سجلماسة، و يقدر عدد فرسانهم بألفين.
و تمت عشيرة الحسين أيضا بصلة النسب إلى دوى منصور. و تسكن بين جبال الأطلس. و منهم زعماء يملكون بضعة جبال مجهولة و مدنا و قصورا، أقطعهم إياها مختلف ملوك بني مرين، لأن هذه القبيلة قدمت عونا ممتازا لهذه الأسرة عندما ملك أفرادها زمام الحكم. و تمارس عشيرة الحسين سلطتها على مملكة فاس و سجلماسة. و يحكم زعيمهم مدينة تدعى غرسلوين‏ و ينتجعون أيضا في صحراء الضهرة ، و هم أناس أغنياء و شجعان و يقدر عدد فرسانهم بحوالي 6000 فارس. و يعيش بينهم عرب آخرون يدينون لهم بالطاعة.
و تسكن عشيرة أبي الحسين جزئيا في صحراء الضهرة المذكورة و لا يملكون فيها 
الشي‏ء الكثير. و هم على درجة من البؤس بحيث لا يستطيعون حتى البقاء تحت خيامهم في هذه الصحراء. و إذا كان من الصحيح القول بأنهم انشأوا بعض الملكيات الزراعية في صحراء ليبيا، فهم يعيشون هنا أيضا عيشة شظف، يعتورهم الجوع، و يدفعون بعض الإتاوات لأقاربهم.

دوي عبيد الله‏


تؤلف عشيرة الخراج جزءا من قبيلة عبيد الله. و يسكن هؤلاء العرب صحراء بني قومي‏ و فيقيق. و يملكون الكثير من الأراضي الزراعية في نوميديا. و ينالون معونات من ملك تلمسان الذي يعمل جاهدا و بلا انقطاع لكي يعودهم على حياة هادئة شريفة، لأنهم قطاع طرق يغتالون تقريبا كل من يقع في أيديهم. و يؤلفون حوالي 4000 فارس.
و من عادتهم أن ينقلوا مخياتهم في الصيف إلى ضواحي تلمسان.
و تسكن ثعلبة سهل الجزائر. و ينتجعون إلى الصحراء حتى تغوات‏ و قد كانت لهم السلطة على مدينتي الجزائر و دلّيس. أما في أيامنا فقد انتزعت هاتان المدينتان من أيديهم على يد بربروس‏  و على أثر ذلك دمرت قبيلة ثعلبة. و قد كانت عشيرة نبيلة و باسلة في الحرب، و كانت تضم قرابة 3000 فارس.
و تسكن حدج في صحراء مجاورة لمدينة تلمسان و تدعى صحراء أنجاد، و ليس لديهم أملاك عقارية و لا ينالون مساعدات، و لا يعيشون إلا على القتل و السلب، و فيهم 500 فارس.
و يعيش الجعوان على شكل فصيلتين منفصلتين: الأولى مع خراج و الأخرى مع حدج. و لكنهم يعتبرون اتباعا لهم و يحتملون هذه التبعية بإذعان. 


و الآن يجب علينا أن نوجه أنظاركم إلى أن
 القبيلتين الأوليين، و هما الحكم و بنو هلال، هما من عرب نجد، و تنحدران من إسماعيل بن إبراهيم. 
و يعود أصل القبيلة الثالثة، أي المعاقيل، إلى اليمن و أصلهم من سبأ
و يعتبر المسلمون أن ولد سماعيل أكثر نبلا من السبئيين. و لهذا لا ينفك النزاع قائما بين القبيلتين على النبل، و قد نظمت في كلا الجانبين قصائد تحاورية يسرد فيها كل من الفريقين فضائله و أعماله المجيدة و مآثر قبيلته.

نمط حياة العرب الذين يسكنون إفريقيا و عاداتهم‏


للعرب عادات مخثلفة و أنماط حياة متباينة بقدر اختلاف المناطق التي يسكنونها.
فالعرب الذين يعيشون في نوميديا و في ليبيا يحيون حياة بائسة و هم في فقر شديد.
و لا يختلفون في ذلك عن السكان الأفارقة الذين سبق لنا الكلام عليهم. و لكن يمتازون عنهم بشجاعة كبيرة. و يمارسون تجارة الابل في بلاد السودان و لديهم أعداد كبيرة من الخيول، تلك الخيول التي نسميها في أوربا الخيل العربية. و يذهب هؤلاء العرب باستمرار لصيد الوعل‏ ، و الحمار الوحشي، و النعام و اللمت‏ ، و المها و الحيوانات الأخرى.
هذا و يجدر أن نشير إلى أن لدى القسم الأعظم من العرب في نوميديا شعراء مديدون ينظمون قصائد طويلة يتكلمون فيها عن حروبهم و عن قنصهم و عن أمور الحب و ذلك مع أناقة و عذوبة كبيرتين و تكون الأبيات مقفاة كأبيات الشعر العامي في إيطاليا.
و هؤلاء الناس كرماء و لكن ليس لديهم أي مورد لدعم شهرتهم و ممارسة الكرم، لأنهم يفتقرون إلى كل شى‏ء في هذه الصحارى. و لباسهم مثل النوميديين. و نساؤهم وحدهن هن اللواتي يتميزن ببعض الاختلافات في اللباس عن النساء النوميديات، أي البربريات.
و كانت الصحاري التي يسكنها هؤلاء العرب، في الماضي، بأيدي أقوام إفريقية، و لكن حينما نفذت القبائل العربية إلى إفريقيا، طردت منها النوميديين بقوة السلاح.
فاقاموا في الصحاري المجاورة لواحات النخيل، في حين سكن النوميديون الصحاري المجاورة لبلاد السودان.
أما العرب الذين يسكنون أفريقيا بين جبال الأطلس و البحر المتوسط  فهم أفضل حالا و أكثر غنى من العرب السابقين و خاصة فيما يتعلق بكسائهم، و بتجهيز خيولهم، و برونق خيامهم و اتساعها. و لديهم أيضا خيول أكثر جمالا بكثير من خيول سكان الصحراء، و لكن ليس لها نفس السرعة في العدو. و يحرث هؤلاء العرب أراضيهم و يستمدون منها الكثير من الحب، و لديهم عدد لا يحصى من الأغنام و الأبقار. و هذا هو السبب الذي يجعلهم يعجزون عن الاستقرار في بقعة واحدة، إذ ليس هناك ما يكفي من الأرض لرعي مثل هذا العدد من الماشية، غير أنهم مع هذا كرماء. و يخضع بعضهم، أي أولئك الذين يسكنون مملكة فاس، للملك و يدفعون له الضريبة. و ظل عرب بوادي مراكش و عرب دكّالة بعض الوقت معفين من أي تكليف، إلى أن احتل البرتغاليون اسفي و آزمور . و عندئذ انقسموا إلى أحزاب و وقعت فتن داخلية، قام على أثرها ملك فاس‏ بإفناء أحد الأحزاب في حين قام ملك البرتغال‏  بتدمير الفريق الآخر.
و فضلا عن ذلك فإن المجاعة التي سادت في السنوات الأخيرة في أفريقيا قد أرهقتهم كل الارهاق حتى أصبح هؤلاء الفقراء يهاجرون بمحض إرادتهم إلى البرتغال و يبيعون أنفسهم بيع الرقيق لمن يقدم لهم الطعام. و هكذا لم يبق أي واحد منهم في دكّالة .
و لكن العرب الذين يشغلون الصحاري المجاورة لمملكتي تلمسان و تونس يعيشون جميعا حسب أسلوب شيوخهم. و يتلقى كل أمير من أمرائهم معونات هامة من الملك و يوزعها في عشيرته لتحاشى الشقاقات و للحفاظ على السلام و على الوحدة. و يجب هؤلاء العرب أن يظهروا بثياب جيدة و بأن تكون خيولهم جيدة التسريج. و خيامهم كبيرة و جميلة. و من عادتهم أن يقصدوا تونس في كل صيف كي يمتاروا منها. و في شهر تشرين الأول (أكتوبر) و بعد أن يكونوا قد حصلوا على كل ما هم بحاجة إليه من أقوات و أقمشة و سلاح يعودون أدراجهم إلى الصحراء حيث يمضون الشتاء. و بعدئذ أي في الربيع يتلهون بالصيد بواسطة كلاب و صقور، و يطاردون في صيدهم كل نوع من الحيوانات أو الطيور البرية. و قد أقمت عندهم عدة مرات و حصلت منهم على الكثير من ألأقمشة و اوعية من النحاس و من النحاس الأصفر . و لكن لا ينبغي الاطمئنان إلى هؤلاء الناس، لأنهم قد يسلبونك و يقتلونك مطمئنة نفوسهم إلى سلبك و قتلك على الرغم من المبالغة في مجاملتهم لك.
و هم يحبون القريض و يرددون في عربيتهم الدارجة ابياتا انيقة جدا على الرغم من ان لهجتهم قد حرفت عن اصولها. و يحترم الامراء أي شاعر له بعض الشهرة و يمنحونه جوائز جزيلة. و لست قادرا على التعبير عن النقاوة و الجمال اللذين يسكبونهما في ابياتهم.
و تكتسي نساء هؤلاء الاعراب كساء جميلا للغاية حسب طراز البلاد. و تتألف ثيابهن من قميص اسود عريض الكمّين يضعن فوقه خمارا من نفس اللون او من لون ازرق.
و يتغطين بهذا الخمار و يلففن به اجسادهن بصورة تصل معها حافته الى الكتفين من امام و من خلف، و هنا يكون مثبتا بدبابيس فضية مصنوعة بشكل فني رفيع. و يضعن في آذانهن اقراطا من فضة على شكل حلقات و خواتم في اصابعهن. و يضعن كذلك في سيقانهن خلاخيل طبقا لعادة الافارقة. و يضعن على وجوههن نقابا هو عبارة عن قطعة قماش صغيرة مثقوبة تجاه العينين. و عندما يظهر امامهن رجل غريب لا يمت لهن بصلة قرابة، فانهن يسرعن في اخفاء وجوههن بهذا الحجاب و يصمتن. و لكن يرفعن هذا الحجاب عندما يكن مغ از وجهن و اقاربهن.
و لما كان العرب ينتجعون من مكان لآخر، فهم يعمدون الى إركاب نسائهم فوق‏ 
نوع من سروج مصنوعة على شكل قفة مغطاة بزرابي بديعة جدا ، و هذه القفاف صغيرة جدا حتى إنها لا تتسع لأكثر من امرأة واحدة. و عندما ينفرون لحروبهم ينطلقون إليها بصحبة نسائهم كي يستمدوا من وجودهن الشجاعة و حتى يذهب عنهن أكبر قدر من الخوف‏ .
و من عاداتهن أن تخضب المرأة وجهها و صدرها و ذراعها و يديها حتى نهاية الأصابع، و ذلك قبل الذهاب لرؤية زوجها، لأن في ذلك تعبيرا عن الذوق الرفيع للغاية. و قد انتقلت هذه العادة إلى عرب إفريقيا بعد أن جاءوا ليستوطنوا فيها و لم تكن معروفة لديهم قبل ذلك. و لكن هذه العادة غير مألوفة عند سكان المدن و لا عند وجهاء البربر إذ تحتفظ نساؤهم ببياض وجوههن الطبيعي. و لكن من الصحيح القول أيضا بأن نساءهم تستعملن خضابا مركبا من سخام الدخان لجوز العفص او الزعفران يضعن منه فوق وسط الخد، و يرسمن به زينة مدورة كالدرهم كما يرسمن به مثلثا فوق الحاجب.
أما على الذقن فيرسمن شكلا يماثل ورقة الزيتون. و تعمد بعضهن إلى صبغ الحواجب تماما . و يمدح الشعراء العرب و الوجهاء هذا الزي كما نعتبره النسوة نوعا من الأناقة و الظرف. و لكنهن لا يحتفظن بهذا الخضاب لأكثر من يومين أو ثلاثة لأنهن لا يستطعن مقابلة الأبوين ما دام على وجوههن. و لكن للزوج و للأبناء الحق في رؤية المرأة في هذه الحالة، لأنهن يصنعن هذا كي بصبحن أكثر إثارة، و يتصورن أن هذا الزي يؤدي لزيادة جمالهن بشكل فريد.

العرب الذين يسكنون الصحارى الواقعة بين بلاد البربر و مصر


تبدو حياة هؤلاء العرب بائسة تماما لأن الأصقاع التي يسكنونها عقيمة و كالحة. 
و لديهم أغنام و إبل و لكنها لا تنتج سوى القليل بسبب ضآلة كمية المرعى. و رغم امتداد مجال تجوالهم فليس فيه أية أرض صالحة للزراعة. و مع ذلك نجد في هذه الصحارى بعض القرى الصغيرة التي تشابه المداشر  حيث تقوم بعض حدائق النخيل الضئيلة جدا، و هنا يزرع قليل من القمح بل إن ما يزرع منه ليس شيئا مذكورا، و من أجل ذلك يكون سكان هذه المداشر مرهقين بالهموم و المشاكل الناجمة عن هيمنة العرب عليهم.
و كثيرا ما يأتي هؤلاء لمقايضة إبلهم و أغنامهم بالقمح، غير أن كمية القمح ضئيلة جدا بحيث لا تكفي لعدد ضخم كهؤلاء. و ينجم عن ذلك ان نجد في أغلب الأوقات، كثيرا من أبناء هؤلاء العرب عند الصقليين‏  و قد تركوهم ضمانة و رهائن مقابل القمح الذي اقترضه هؤلاء الفقراء. و إذا عجزوا عن تسديد المبلغ المطلوب في نهاية المدة المحددة في السوق، يحتفظ الدائنون بالأولاد عبيدا لهم. و إذا رغب آباؤهم بافتدائهم فعليهم ان يدفعوا ثلاثة أمثال مبلغ الدين، و لهذا يضطرون غالبا الى التنازل عنهم، و يؤدي هذا الى أن هؤلاء العرب قد أصبحوا من أكثر القتلة في العالم شراسة. و كل غريب يقع في أيديهم يتعرض أولا لتجريده من كل ما يمكن ان يكون عليه ثم يباع الى الصقليين. و لم تعد أية قافلة تجرؤ على المرور من الساحل الذي يحاذي الصحراء التي يعيش فيها هؤلاء منذ مائة عام. و عندما يكون على قافلة ان تجتاز البلاد فعليها ان تمر من الداخل على مسافة 500 ميل تقريبا من البحر
و للتخلص من مخاطر هذا اللقاء، فقد واكبت كل ذلك الساحل عن طريق البحر مع ثلاثة مراكب تجارية.  و عندما رآنا العرب تراكضوا نحو المرسي بدعوى انهم يرغبون عقد صفقات معنا يمكن ان تكون مفيدة لنا و لكن سوء ظننا بهم لم يشجع أي إنسان منا على النزول الى البر قبل ان يضعوا بعض أبنائهم بين أيدينا ضمانا. و بعد حصولنا على ذلك اشترينا كمية صغيرة من خرافهم و من سمنهم و أقلعنا بسرعة، خشية ان يدركنا قراصنة صقلية او جزيرة رودس.


______________________________________
ومن كتاب الاستقصا:

وَنقل الْمَنْصُور رَحمَه الله بني هِلَال وَبني جشم إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى حِين أَتَوْهُ طائعين وَكَانَ ذَلِك سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فَأنْزل قَبيلَة ريَاح من بني هِلَال بِبِلَاد الهبط فِيمَا بَين قصر كتامة الْمَعْرُوف بِالْقصرِ الْكَبِير إِلَى أزغار الْبَسِيط الأفيح هُنَاكَ إِلَى سَاحل الْبَحْر الْأَخْضَر فاستقروا بهَا وطاب لَهُم الْمقَام 
وَأنزل قبائل جشم بِلَاد تامسنا الْبَسِيط الأفيح مَا بَين سلا ومراكش وَهُوَ أَوسط بِلَاد الْمغرب الْأَقْصَى وأبعدها عَن الثنايا المفضية إِلَى القفار لإحاطة جبل الدَّرن بهَا فَلم ييمموا بعْدهَا قفرا وَلَا أبعدوا رحْلَة
وَاعْلَم أَن هذَيْن البسيطين يسميان الْيَوْم فِي عرف عَامَّة أهل الْمغرب بالغرب والحوز فالغرب عبارَة عَن بِلَاد الهبط وأزغار وَمَا فِي حكمهَا والحوز عبارَة عَن بِلَاد تامسنا وَمَا اتَّصل بهَا إِلَى مراكش فَكَانَ لرياح بِلَاد الْمغرب وَكَانَ لجشم بِلَاد الْحَوْز

رضاع البربر

                            "وأن الكاهنة قالت لخالد: "ما رأيت في الرجال أجمل منك، ولا أشجع، وأنا أريد أن أرضعك، فتكون أخا لولدي"، فقال لها وكيف يكون ذلك، وقد ذهب الرضاع منك، فقالت: "إنا جماعة البربر لنا رضاع إذا فعلناه تتوارث به، فعمدت إلى دقيق الشعير، فتلته بزيت، وجعلته على ثدييها، ودعت ولديها، وقالت لهما كلا معه على ثديي، وقالت لهم: إنكم قد صرتم إخوة".

mardi 28 mars 2017

شر النساء


عليَّ نحت المعاني من معادنها ... وما عليَّ إذا لم تفهم البقرُ!
يا شر النساء يا نحيفة الجسم وقليلة اللحم، طويلة السقم، محياض ممراض صفراء، مشئومة عسراء، سليطة الذّفراء، سريعة الوثبة، كأن لسانك حربة، تضحكين من غير عجب، وتقولين الكذب، وتدعين بالحرب، أنفك في السماء، واستك في الماء

يا مذكرة منكرة، يا حديدة العرقوب ؛ بادية الظّنبوب ، منتفخة الوريد، كلامك وعيد، وصوتك شديد؛ تدفنين الحسنات، وتفشين السيئات؛ تعين الزمان على بعلها، ولا تعين بعلها على الزمان؛ ليس في قلبها له رأفة، ولا عليها منه مخافة؛ إن دخل خرجت، وان خرج دخلت، وإن ضحك بكت، وإن بكى ضحكت؛ وإن طلقها كانت حرفته، وإن أمسكها كانت مصيبته؛ سفعاء ورهاء «3» ، كثيرة الدعاء قليلة الإرعاء، تأكل لمّا، وتوسع ذما؛ صخوب غضوب، بذيّة دنية؛ ليس تطفأ نارها، ولا يهدأ إعصارها؛ ضيقة الباع، مهتوكة القناع، صبيها مهزول؛ وبيتها مزبول، إذا حدثت تشير بالاصابع، وتبكي في المجامع، بادية من حجابها، نباحة على بابها، تبكي وهي ظالمة، وتشهد وهي غائبة، قد دلّي لسانها بالزور، وسال دمعها بالفجور.

قليل الغير، سريع الطيرة، شديد العتاب، كثير الحساب، قد أقبل بخره، وأدبر ذفره، وهجمت عيناه، واضطربت رجلاه، يفيق سريعا، وينطق رجيعا، يصبح حلسا، ويمسي رجسا، إن جاع جزع، وإن شبع جشع.
ومن صفة المرأة السوء يقال: امرأة سمعنّة نظرنّة؛ وهي التي إذا تسمّعت أو تبصّرت فلم تر شيئا تظنّته تظنّيا.

الْبَلَاء كُله مُوكل بِالْقَرِينَةِ السوء الَّتِي لَا تسكن النَّفس إِلَى كريم عشرتها وَلَا تقر الْعين برؤيتها

عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ مَا رفع أحد نَفسه بعد الْإِيمَان بِاللَّه بِمثل منكح صدق وَلَا وضع أحد نَفسه بعد الْكفْر بِاللَّه بِمثل منكح سوء ثمَّ قَالَ لعن الله فُلَانَة ألفت بني فلَان بيضًا طوَالًا فقلبتهم سُودًا قصارا

لا تنكحنّ برشاء، ولا عمشاء، ولا وقصاء ، ولا لثغاء؛ فيجيئك ولد ألثغ؛ فو الله لولد أعمى أحبّ من ولد ألثغ.
وقال: آخر عمر الرجل خير من أوّله؛ يثوب حلمه، وتثقل حصاته، وتحمد سريرته، وتكمل تجاربه، وآخر عمر المرأة شر من أوله؛ يذهب جمالها، ويذرب لسانها، وتعقم رحمها، ويسوء خلقها.

وقال في أمّه:
تنحّي فاجلسي منّي بعيدا ... أراح الله منك العالمينا
أغربالا إذا استودعت سرّا ... وكانونا على المتحدّثينا
حياتك ما علمت حياة سوء ... وموتك قد يسرّ الصالحينا
وقال زيد بن عمير في أمته:
أعاتبها حتى إذا قلت اقلعت ... أبى الله إلّا خزيها فتعود
فإن طمثت قادت وإن طهرت زنت ... فهي أبدا يزنى بها وتقود

وقال آخر يصف امرأة لثغاء:
أوّل ما أسمع منها في السّحر ... تذكيرها الأنثى وتأنيث الذكر
والسوءة السوءاء في ذكر القمر
ولآخر في زوجته:
لقد كنت محتاجا إلى موت زوجتي ... ولكن قرين السّوء باق معمّر
فياليتها صارت إلى القبر عاجلا ... وعذّبها فيه نكير ومنكر

اشدُد يديك بكلبٍ إن ظفرتَ بهِ ... قأكثر الناس قد صاروا خنازيرا

لمّا رأيتك لا فاجرا ... قويّا ولا أنت بالزاهد
ولا أنت بالرجل المتّقي ... ولا أنت بالرجل العابد
عرضتك في السّوق سوق الرقيق ... وناديت هل فيك من زائد
فما جاءني رجل واحد ... يزيد على درهم واحد
سوى رجل زادني دانقا ... ولم يك في ذاك بالجاهد
فبعتك منه بلا شاهد ... مخافة ردّك بالشاهد

وأبت إلي منزلي غانما ... وحلّ البلاء على الناقد



و ذكر أعرابي امرأة قبيحة، فقال: ترخي ذيلها على عرقوبي نعامة، و تسدل خمارها على وجه كالجعالة .

 دخلت أعرابية على حمدونة بنت المهدي؛ فلما خرجت سئلت عنها، فقالت: و اللّه لقد رأيتها فما رأيت طائلا؛ كأن بطنها قربة، و كأن ثديها دبّة ، و كأن استها رقعة، و كأن وجهها وجه ديك قد نفش عفريته‏ يقاتل ديكا.
و صاحب أعرابي امرأة فقال لها: و اللّه إنك لمشرفة الأذنين، جاحظة العينين، ذات خلق متضائل، يعجبك الباطل، إن شبعت بطرت، و إن جعت صخبت، و إن رأيت حسنا دفنتيه، و إن رأيت سيئا أذعتيه؛ تكرمين من حقرك، و تحقرين من أكرمك.
و هجا أعرابي امرأته فقال:
يا بكر حوّاء من الأولاد # و أمّ آلاف من العباد

عمرك ممدود إلى التّنادي # فحدّثينا بحديث عاد
و العهد من فرعون ذي الأوتاد # يا أقدم العالم في الميلاد

إني من شخصك في جهاد

في عجوز:


و قال أعرابي في امرأة تزوجها، و قد خطبها شابة طرية و دسّوا إليه عجوزا:
عجوز ترجّي أن تكون فتيّة # و قد نحل الجنبان و احدودب الظّهر

تدسّ إلى العطّار سلعة أهلها # و هل يصلح العطار ما أفسد الدهر 

تزوجتها قبل المحاق بليلة # فكان محاقا كله ذلك الشهر

و ما غرّني إلا خضاب بكفّها # و كحل بعينيها و أثوابها الصّفر

و قال فيها:
و لا تستطيع الكحل من ضيق عينها # فإن عالجته صار فوق المحاجر

و في حاجبيها حزّة كغرارة # فإن حلقا كانا ثلاث غرائر (2)

و ثديان أمّا واحد فهو مزود # و آخر فيه قربة للمسافر (3)

و قال فيها:
لها جسم برغوث و ساقا بعوضة # و وجه كوجه القرد بل هو أقبح

و تبرق عيناها إذا ما رأيتها # و تعبس في وجه الضّجيع و تكلح

لها مضحك كالحشّ تحسب أنها # إذا ضحكت في أوجه القوم تسلح‏ 

و تفتح-لا كانت-فما لو رأيته # توهّمته بابا من النار يفتح

إذا عاين الشيطان صورة وجهها # تعوّذ منها حين يمسي و يصبح‏

و قال أعرابي في سوداء:
كأنها و الكحل في مرودها # تكحل عينيها ببعض جلدها

و قال فيها:
أشبهك المسك و أشبهته # قائمة في لونه قاعدة

لا شكّ إذ لونكما واحد # أنكما من طينة واحده‏

ذكْرُ لُؤم الأصلِ والنَّفْس

يا عصارة لؤم في قرارة خبث، يا ألأم مهجة في أخس جثة، يا خبيث الطعمة حديث النعمة، لا أصل ثابت ولا فرع نابت، يا خبيث المركب لئيم المنسب يكاد من لؤمه يعدي من يتسمى باسمه أو يجلس إلى جنبه، قد أرضع بلبان اللؤم وربي في حجر الشر وفطم عن ثدي الخير ونشأ في عرصة الخبث، لا أمس ليومه ولا قديم لقومه، قصير الشبر صغير القدر، قاصر القدر ضيق الصدر

البُخْلُ وما يجري مَجراه

سائلهُ مَحْرومٌ، وماله مكتوم، لا يحين إنفاقهُ، ولا يُحل خناقهُ، خُبزُهُ كأوى، يُسْمع بهِ ولا يُرى، غَناؤهُ فقْرٌ، ومَطبخه قَفْرٌ، يملأُ بطنهُ والجارُ جائع، ويحفظ ماله والعِرْضُ ضائعٌ، قَدْ جعل ميزانه وكيلهُ، وأسنانه أكيلهُ، ورغيفهُ أليفهُ، ويمينه أمينه، وخاتمهُ خادمه، وصندوقه صديقه، وكيسهُ أنيسه.

القُبحُ والدّمامَةُ


وجهك كهول المطلع، وزوال النعمة، وقضاء السوءِ، وموت الفجاءة، ما أنت إلا قذى العين، وشجى الصدر، وأذى القلب، وحمى الروحِ، كأن النحس يطلع من جبهتك، والخل يقطر من وجنتك، وجه مسترق الحسن، متنقب بالقبحِ، وجهه يَشق على العين، وكلامة لا يسوغ في الأذن، وَجهك لحضور الغريم، وحصول الرقيب، وفراق الحبيب، خلفة الشيطانِ، وغفل الصبيان.

الثِّقل والبُغْضُ والبَرْدُ

فلانٌ ثقيل الطلعة، بغيض التفصيل والجُملةِ، بارد السُّكون والحركة لا أدري كيف لم تحمل الأمانة أرض حملتهُ، وكيف اجتاحت إلى الجبال بعدما أقلتهُ، فلان يحكي ثِقَلَ الحَديث المُعاد، ويمشي على العيون والأكباد، كأنَ وجهه أيامُ المصائب، وليالي النوائب، وكأنّ قُربهُ فَقْد الحبائب، وسوء العواقب، وكأنما وَصَلُةُ عدمُ الحياةِ وموتُ الفجاءةِ، وكأنّما هجره قوّةُ المِنَة، وريح الجَنّة، يا عَجبي من جسمٍ كالخيالِ، وروح كالجبال، كأنّه ثقل الدّين، على وجه العين، هو بين الجفن والعين قذاة، وبين النعل والأخمص حصاةٌ، أثقل من خراجٍ بلا غلّةٍ، ودواءً من غير عِلّةٍ، أبرَدُ من الزمهريرِ، بالعبوس القَمْطَرير.

الجَهْلُ والسُّخْفُ والخُرق

هناك جَهلٌ كثيفٌ، وعقلٌ سخيفٌ، قالب جهل مسبوق، بثوب جاهل لا يُميِّز، وأهوج لا يتحرَّز، أخرقُ مختلف، وأهوج متعجرفٌ لا يستر من العقل بسَجْفٍ، ولا يشتمل إلاّ على سُخْفٍ، أتى ما دَلَّ على خُرْقه ورَكاكة خُلقِه، قد ضل يتعثر في فضول جهلِهِ، ويَتَساقَطُ في ذيول خرقهِ.

القلَّةُ والذِّلَّةُ

ريحُ صَيفٍ، وطارقُ ضَيفٍ، فوته غنيمه، والظفَرُ بهِ هزيمة، يقل عن الذكر، ويزلّ عن الفكر، " أقلّ من تِبنة في لبنة " و" أَذَلُ من قُلامة في قمامة "، هوَ ولا شيء.

خُبْثُ الطَوِيّة ومخالفةُ الباطن للظاهر

قلب فلانٍ نَغْل، وصدره دَغلٌ، طوية مَعْلولَة، وعقيدة مغلولة، وعقيدة مدْخولة، صفوه رَنَقٌ، وبِرُّه لَمَقٌ، وودُّه مُزَأبقٌ، خبيث النّية، واكدُ الطويَّة، موجود عند الرخاء، مفقود عند البلاءَ، يَبثُّ حَبائل الزور، وينصب أشراك الغرور، يدَّعي ضروب الباطل، ويتحلّى بما هو عاطِلٌ، يُبدي وجه المطابق الموافق، ويخفي نظرَ المسارق المنافق، ضمير قلبه خبيث، ويمينه حنث، وعهده نكث، أظهر وَرعه، ليخفي طمعه، وقَصَّرَ سبالَه ليطيل يده، يبرز في ظاهِر السَّمْت، وباطن أصحاب السَّبْت.

الكَذِب وخُبْثُ اللسان

فلانٌ منغمسٌ في عَيْبِهِ، يكذبُ لذَيلهِ على جيبهِ، يقول بهتاً، وزوراً بحتاٌ، قد مُلىءَ قلبه رَيْناً وقوله مَيْناً، الفاختة عنه أبو ذَرّ، لسانهُ مقراضُ الأعراض، يأكل خبزه بلحومِ الناسِ، عرضٌ دنيء، وفم بذيءٌ.

خبثُ الفعل والاستهدافُ للعَيب

هو مقصورُ الهِمَّة على ما يُسْتهجَن ذكره، فكيف فعلهُ، قَدْ عَدَلَ عن الجميل جملةً، وأخلَّ بسواء السبيلِ دُفعة، لزمه عارٌ لا يحمي رسمه، ولزمهُ شنانٌ لا يزول وَسْمُه، فلان لسهام العائبين مُسْتَهدَفٌ، ولعصا الفاسقين متلقَّفٌ، فلان يخبىء العصا في الدّهليز الأقصى، قد تقلّدَ عاراً لا يغسلُه الاعتذارُ، ولا يمحوه الليل والنهارُ، قد أصبح نقل كل لسانٍ وضحكة كل إنسانِ، وحملت أمهاته سفاتج إلى البلدان، صار بذلة الألسن، ومثلة الأعين، عرض عِرضه لسهام العائبين، وألسنة القاذفين، عِرضه منديل الأيدي، وعِلك الألسنة.

التِّيهُ والكِبْرُ

قد أسكرته خَمْرَةُ الكِبْرِ، واستهوته غُرّة التِّيهِ، يتكبَّرُ على مستصغرين، ويتعاظم على مستحقرين، كأنّ كسرى حاملُ غاشيته، وقارونَ وكيلُ نفقته، وبلقيسَ إحدى داياته، وكأنّ يوسفَ عليه السلام لا ينظر إلاّ بمقلَتِه، ولقمان لم ينطق إلا بحكمته، كأنّ الشمس تطلعُ من جبينه، والغَمام يندى من يمينه، كأنّهُ امتطى السِّماكين، وانتعل الفرقدين، ومَلَك الخافقين، واستعبَد الثَّقَلين، وتناول النيِّرين بيدين.

الحَسَدُ

فلانٌ جَسدٌ كُلُهُ حَسَدٌ، وعِقْدٌ كله حِقد، الحاسِدُ يعمى عن محاسن الصبح، بعينٍ تدرك دقائق القُبح، الحَسود لا يَسود، الحَسَد آفة الجسد، فلانٌ معجون من طينة الحَسدِ والمنافسة، مضروبٌ في قالبِ الضيق والمناقشة.

دناءَةُ النَّفْسِ مع شَرَف الأبوّة

فلانٌ من الطاووس رجلُهُ، ومن الورد شوكُه، ومن الماء زَبَدُهُ، ومن الأسد نكهتهُ، ومن السَّحابِ ظُلمته، ومن النار دُخانها، ومن الخَمر خمارُها، ومن الدارِ مُستراحُها.

الجُبْنُ

فلانٌ تمثالُ الجُبن، وصورةُ الخَوف، ومقرُّ الرُّعب، ومن لو سمّيَتْ له الحرب لخاف لفظها قبل معناها، وذكرها قبل فحواها، هو من تخوَّفه أضغاث أحلامٍ فكيف مسموعُ الكلام وإذا ذكرتِ السيوفُ لمَسَ رأسَه هل ذهب، وإذا ذكرتِ الرماحُ لمس جنبه هل نُقِب.

خُلْفُ الوعْدِ وكثرة المَطْلِ

خُلفُ الوَعد، خُلُق الوَغْد، فلانٌ يُرسل برقَهُ، ولا يُسيل وَدْقَهُ، ويقدّم رعده ولا يمطر بعده، وعده برقٌ خُلَّبٌ، ورَوَغان ثَعلب، غيمُ وعدِه جُهامٌ، وسيفٌ بذله كَهامٌ، وعدُه مُقرمَطٌ، وتسويفه مفَرَّط قد حرمه نضرة الوعد، وجَرّهُ على شوك المَطْلِ، لا وعد نجيحٌ، ولا يأسٌ مريحٌ.

ذَمُّ الخَطّ

خَطّ مضطربُ الحرفِ، مُضاعَف الضَعْفِ، خطٌّ مُمَجْمَجٌ، ولفظٌ مُلَجْلجٌ خط سقيم، وخاطر عقيم، كأن قلمه لا يستجيب برَيهُ، والمدادُ لا يساعِدُ جريهُ خط يقذي العين، ويشجي الصدر، خط منحطٌّ، كأنه أرْجلُ البط على الشط، وأنامل السرطانِ على الحيطانِ، خط مجنون، لا يُدْرى أألِف هو أم نون، وسطورٌ فيها شطور.


ذَمُ الكلامِ

كلام تنبو عن قبوله الطِّباع، وتتجافى عن استماعِه الأسماع، ألفاظٌ تنبو عنها الآذان فتمجُّها، وتنكرها الطباعُ فترجُّها، كلامٌ لا يرفع السَّمْعُ له حِجاباً، ولا يفتح القلبُ لوفوده باباً، كلامٌ يُصدي الريَّان، ويصدىءُ الأفهام، كلام تُعمَل فيه حتّى تبدَّل، وتكلِّفَ حتى تعسَّف، طبع جاسٍ ولَفْظٌ فاشٍ، كلام كأنّهُ ثَمرٌ قُطِفَ قبل أوانِهِ، وشرابٌ بزُلَ قبل إبّانِهِ، كلامٌ بمثلهِ يتسلّى الأخرَسُ عن كلمِهِ، ويفرحُ الأصم بِصَمَمِهِ، بمثل ذلك الكلام رزق الصَّمْتَ المحبة، وأعطى الإنصات الفضيلة، لفظٌ رَثٌّ، ومعنىً غَثّ، كلام لا طائل فيهِ، ولا طلاوة عليهِ.

ذَمُّ الكاتِب

قد صدىء فَهْمُهُ، وتبلَّدَ طَبْعهُ، وتكدَّرَ خاطِرُهُ، الخرس أَحْسنُ من كلامه، والعيّ أبلغ من بيانِهِ، خاطره ينبو، وقلمه يكبو، فلانٌ كليلُ شَفرة الكلامِ، سريعُ وقع الأقلام، قصير رِشاءِ اللسان، قريب غَوْر البيان، يسهو ويغلط، ويخطىء ويسقط، هو في الأدب دَعى النَسَب، وهو في الكتابة ضَيِّق المضطرب، سَيّىءُ المنقَلَب، فلان قاصِرُ سعيِ البلاغةِ، قصيرُ باعِ الكِتابة.

ذَم الشِّعر والشاعر

أبيات لَيستْ من محكم الشَعْرِ وحكمه، ولا من أحرار الكلام وغرره، شِعْر ضعيف الصِّيغة، رديء الصَّنعةِ، قد جمع فيه بين إقواءٍ وأخطاءٍ وإبطاءٍ، لو شعر بالنقص ما شَعَرَ، ما قطع شِعْرُهُ شَعَرَه، ولا سقى قطره، هو من بين الشعراء، منبوذٌ بالعراءِ، شاعِرٌ باردُ العبارةِ، ثقيلُ الاستعارة، بَغِيضُ الإشارةِ، شعرُه لم يلبس حُلّة الحلاوة، ولم يُطل بالطلاوة.

باب القبح والدّمامة

أخبرنا بعض أشياخ البصرة أنّ رجلا وامرأته اختصما إلى أمير من أمراء العراق، وكانت المرأة حسنة المنتقب «1» قبيحة المسفر «2» ، وكان لها لسان، فكأنّ العامل مال معها، فقال: يعمد أحدكم إلى المرأة الكريمة فيتزوّجها ثم يسيء إليها؛ فأهوى الزوج فألقى النّقاب عن وجهها، فقال العامل: عليك اللعنة، كلام مظلوم ووجه ظالم.
قال أبو زياد الكلابيّ «3» : قدم رجل منّا البصرة فتزوّج امرأة، فلمّا دخل بها وأرخيت السّتور وأغلقت الأبواب عليه، ضجر الأعرابيّ وطالت ليلته، حتى إذا أصبح وأراد الخروج منع من ذلك وقيل له: لا ينبغي لك أن تخرج إلا بعد سبعة أيام؛ فقال: [طويل]
أقول وقد شدّوا عليها حجابها ... ألا حبّذا الأرواح والبلد القفر
ألا حبّذا سيفي ورحلي ونمرقى ... ولا حبّذا منها الوشاحان والشّذر «4»

أتوني بها قبل المحاق بليلة ... فكان محاقا كلّه ذلك الشهر «5»
وما غرّني إلّا خضاب بكفّها ... وكحل بعينيها وأثوابها الصّفر
تسائلني عن نفسها هل أحبّها ... فقلت ألا لا والذي أمره الأمر
تفوح رياح المسك والعطر عندها ... وأشهد عند الله ما ينفع العطر
وقال آخر: [بسيط]
أعوذ بالله من زلّاء فاحشة ... كأنّما نيط ثوباها على عود «1»
لا يمسك الحبل حقواها إذا انتطقت ... وفي الذّنابى وفي العرقوب تحديد «2»
أعوذ بالله من ساق لها حنب ... كأنّها من حديد القين سفّود «3»
وقال آخر: [طويل]
موتّرة العلباء محفوفة القفا ... لها ندب من حكّها غير دارس «4»
إذا ضحكت غصون كأنها ... غباغب حرباء تحوّز شامس «5»
كأنّ وريديها رشاء محالة ... مغاران من جلد من القدّ يابس «6»
وقال آخر: [رجز]
يا عجبا والدّهر ذو تعاجيب ... هل يصلح الخلخال في رجل الذيب
اليابس الكعب الحديد العرقوب
وقال آخر: [طويل]
لها جسم برغوث وساقا بعوضة ... ووجه كوجه القرد بل هو أقبح
وتبرق عيناها إذا ما رأيتها ... وتعبس في وجه الضّجيع وتكلح «1»
وتفتح- لا كانت- فما لو رأيته ... توهّمته بابا من النار يفتح
فما ضحكت في النّاس إلّا ظننتها ... أمامهم كلبا يهرّ وينبح «2»
إذا عاين الشيطان صورة وجهها ... تعوّذ منها حين يمسي ويصبح
وقد أعجبتها نفسها فتملّحت ... بأيّ جمال ليت شعري تملّح
رأى أعرابيّ امرأة في شارة وهيئة، فظنّ بها جمالا، فلما سفرت فإذا هي غول؛ فقال: [طويل]
فأظهرها ربّي بمنّ وقدرة ... عليّ ولولا ذاك متّ من الكرب
فلمّا بدت سبّحت من قبح وجهها ... وقلت لها السّاجور خير من الكلب «3»
كان سعيد بن بيان التّغلبيّ سيّد بني تغلب، وكانت تحته برّة «4» وكانت من أجمل النساء، فقدم الأخطل الكوفة على بشر بن مروان، فدعاه سعيد بن بيان واحتفل ونجّد بيوته واستجاد طعامه وشرابه، فلما شرب الأخطل جعل ينظر إلى وجه برّة وجمالها، وإلى وجه سعيد وقبحه؛ فقال له سعيد: يا أبا مالك، أنت رجل تدخل على الخلفاء والملوك فأين ترى هيئتنا من هيئتهم! فقال الأخطل: ما لبيتك عيب غيرك؛ فقال سعيد: أنا والله أحمق منك يا نصرانيّ حين أدخلك منزلي، وطرده. فخرج الأخطل وهو يقول: [طويل]
وكيف يداويني الطبيب من الجوى ... وبرّة عند الأعور ابن بيان «1»
فهلّا زجرت الطّير إذ جاء خاطبا ... بضيقة بين النّجم والدّبران «2»
قال عبد بني الحسحاس يذكر قبحه «3» : [طويل]
أتيت نساء الحارثيين غدوة ... بوجه براه الله غير جميل
فشبّهنني كلبا ولست بفوقه ... ولا دونه إن كان غير قليل
قال رجل للأحنف: «تسمع بالمعيديّ لا أن تراه» «4» ؛ فقال: ما ذممت منّي يا بن أخي؟ قال: الدّمامة وقصر القامة؛ قال: لقد عبت عليّ ما لم أؤامر فيه «5» .
قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف الكوفة مع المصعب بن الزّبير، فما رأيت خصلة تذمّ إلا وقد رأيتها في الأحنف: كان صعل الرأس «6» ، متراكب الأسنان، أشدق «7» ، مائل الذّقن، ناتىء الوجه، غائر العين، خفيف العارض، أحنف الرّجل «8» ، ولكنه إذا تكلّم جلا عن نفسه.
أبو اليقظان قال: كان المحارش قبيحا فقال فيه هبنّقة «9» : [طويل]
لو كان وجهي مثل وجه محارش ... إذا ما قربت الدّهر باب أمير
قال: وأخذ محارش قذاة عن عبيد الله بن زياد؛ فقال: صرف عنك السّوء؛ فقال جلساؤه: إذا يصرف عنه وجهه.
سئل مدنيّ عن حلية رجل، فقال: حليته محجمه.
قال المأمون لمحمد بن الجهم: أنشدني بيتا حسنا أولّك به كورة «1» ؛ فقال: [كامل]
قبحت مناظرهم فحين خبرتهم ... حسنت مناظرهم لقبح المخبر
فاستزاده، فأنشده: [طويل]
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه ... فطيب تراب القبر دلّ على القبر «2»
فوّلاه الدّينور «3» وهمذان.
قال أعرابيّ في امرأته: [طويل]
ولا تستطيع الكحل من ضيق عينها ... فإن عالجته صار فوق المحاجر
وفي حاجبيها حزّة لغزارة ... فإن حلقا كانا ثلاث غرائر «4»
وثديان أمّا واحد فكموزة ... وآخر فيه قربة لمسافر
وقال إسحاق الموصليّ: رأت قريبة بن سيابة مولى ابن أسد عندي، فقلت لها: يا أمّ البهلول كيف ترين هذا؟ قالت: ماله قبّحه الله عامّة! لو كان داء ما برىء منه.
وقال فاتك في سعيد بن سلم: [سريع]
وإنّ من غاية حرص الفتى ... طلابه المعروف في باهله «1»
كبيرهم وغد ومولودهم ... تلعنه من قبحه القابله
قال الأسعر الجعفيّ «2» يهجو قوما: [متقارب]
زعانف سود كخبث الحدي ... د يكفي الثلاثة شقّ الإزار «3»
وقال أبو نواس يذكر امرأة: [وافر]
وقائلة لها في وجه نصح ... علام قتلت هذا المستهاما
فكان جوابها في حسن سرّ ... أأجمع وجه هذا والحراما
كان المغيرة بن شعبة قبيحا أعور، فخطب امرأة، فأبت أن تتزوّجه، فبعث إليها: إن تزوجتني ملأت بيتك خيرا، ورحمك أيرا؛ فتزوّجت به.
وسئلت عنه امرأة طلّقها فقالت: عسل يمانية في ظرف سوء «4» .
أنشدنا دعبل: [متقارب]
بليت بزمّردة كالعصا ... ألصّ وأسرق من كندش «1»
لها شعر قرد إذا ازّيّنت ... ووجه كبيض القطا الأبرش «2»
كأنّ الثأليل في وجهها ... إذا سفرت بدد الكشمش «3»
وقال أعرابيّ: [وافر]
جزى الله البراقع من ثياب ... عن الفتيان شرّا ما بقينا
يوارين الملاح فلا نراها ... ويزهين القباح فيزّهينا «4»
وقال آخر: [وافر]
رأوه فازدروه وهو حرّ ... وينفع أهله الرجل القبيح
كان ذو الرّمة يشبّب بميّة، وكانت من أجمل النساء ولم تره قطّ، فجعلت لله عليها بدنة «5» حين تراه، فلما رأته رأته رجلا دميما أسود، فقالت:
وا سوءتاه! وا بؤساه! فقال ذو الرّمة: [طويل]
على وجه ميّ مسحة من ملاحة ... وتحت الثياب الشّين لو كان باديا «6»
ألم تر أن الماء يخبث طعمه ... وإن كان لون الماء أبيض صافيا
إسحاق الموصليّ قال: دخلت أعرابية على حمدونة بنت الرشيد، فلما خرجت سئلت عنها، فقالت: وما حمدونة! والله لقد رأيتها وما رأيت طائلا، كأنّ بطنها قربة، وكأنّ ثديها دبّة «1» ، وكأن استها رقعة، وكأن وجهها وجه ديك قد نفش غفريّته «2» يقاتل ديكا.
ذكر أعرابيّ امرأة حسنة اللفظ قبيحة الوجه، فقال: ترخي ذيلها على عرقوبي نعامة، وتسدل خمارها على وجه كالجعالة (وهي الخرقة التي تنزل بها القدر عن النار) .
وقال دعبل في كاتب: [كامل]
تمّت مقابح وجهه فكأنّه ... طلل «3» تحمّل ساكنوه فأوحشا
لو كان لاستك ضيق صدرك أو لصد ... رك رحب دبرك كنت أكمل من مشى
كان بعض المعلّمين يقعد أبناء المياسير والحسان الوجوه في الظلّ، ويقعد الآخرين في الشّمس، ويقول: يا أهل الجنة، ابزقوا في وجوه أهل النار.
وقال رجل من أبناء المهاجرين: أبناء هذه الأعاجم كأنهم نقبوا الجنّة وخرجوا منها، وأولادنا كأنهم مساجر التّنانير «4» .
أبو المهلهل الحدائيّ «5» قال: ارتحلت إلى الرمل في طلب ميّ صاحبة ذي الرّمّة، فما زلت أطلب موضعها حتى أرشدت إليه، فإذا خيمة كبيرة على بابها عجوز هتماء «6» ، فسلّمت عليها ثم قلت: أين منزل ميّ؟ قالت: أنا ميّ؛
فتعجّبت وقلت: عجبا من ذي الرمّة وكثرة قوله فيك! قالت: لا تعجبنّ فإني سأقوم بعذره عنك، ثم قالت: يا فلانة، فخرجت من الخيمة جارية ناهدة عليها برقع فقالت: اسفري، فلما سفرت تحيّرت لما رأيت من جمالها وبراعتها؛ فقالت: علقني ذو الرمّة وأنا في سنّها؛ فقلت: عذره الله ورحمه، فاستنشدتها فجعلت تنشد وأنا أكتب.
وقال أبو نواس في الرّقاشيّ: [سريع]
قل للرّقاشيّ إذا جئته ... لو متّ يا أخرق لم أهجكا»
دونك عرضي فاهجه راشدا ... لا تدنس الأعراض من شعركا
والله لو كنت جريرا لما ... كنت بأهجى لك من وجهكا

(بَاب مذمة النِّسَاء)

1 - قَالَ الحطيئة جَرْوَل العبسى
(تنحّى فاقعدى منى بَعيدا ... أراح الله مِنْك العالمينا)
2 - وَقَالَ بِلَال بن جرير
(إِلَى الله أَشْكُو أَن قلبى مُعَلّق ... برعناء حسناء القوام رداح)

(صَبِيحَة وَجه والصِباح مآلف ... لكل فَتى للغانيات مُبَاح)

(تسخّط مَا يرضى وَتحرق بالأذى ... وَلَيْسَ بناهيها لحاية لَاحَ)

(فَلَا بُد من صَبر عَلَيْهَا لحسنها ... وَإِن زَاد مِنْهَا النكر كل صباح)
3 - وَقَالَ آخر
(يهيم بهَا قلبى وتأبى خلائقى ... ويأنف طبعى أَن أقرّ على أَذَى)

(مليحة وَجه غير أَن فعالها ... قباح وَهَذَا لَا يفى عندنَا بذا)

(فان قيل لى صبرا عَلَيْهَا لحسنها ... فَقلت وَمَا صَبر الْعُيُون على القذا)
4 - وَقَالَ آخر وَكَانَ قد قدم بِزَوْجَتِهِ إِلَى دمشق لتَمُوت بالوباء ظنا مِنْهُ أَنَّهَا أَرض وبيّة
(دمشق خذيها واعلمى أَن لَيْلَة ... تمر بعُودَى نعشها لَيْلَة الْقدر)
5 - وَقَالَ جران الْعود
(من كَانَ أصبح مَسْرُورا بِزَوْجَتِهِ ... من الْأَنَام فانى غير مسرور)

(كَأَن فى الْبَيْت بعد الهدء راصدة ... غولا تصّوُر فى كل التصاوير)

(شوهاء ورهاء مسنون أظافرها ... لم تلف إِلَّا بِشعر غير مضفور)
(مؤمة الْوَجْه نحس لَا تُفَارِقهُ ... كَأَنَّهَا دبقة فى ريش عُصْفُور)

(كأننى حِين ألْقى وَجههَا بكرا ... أَهْوى إِلَى اللَّيْل يومى ذَاك فى بير)
6 - وَقَالَ أَيْضا
(يَقُولُونَ فى الْبَيْت لى نعجة ... وفى الْبَيْت لَو يعلمُونَ النمر)

(أحبى لى الْخَيْر أَو أبغضى ... كِلَانَا بِصَاحِبِهِ منتظر)
7 - وَقَالَ آخر
(وَمَا تَسْتَطِيع الْكحل من ضيق عينهَا ... فان عالجته صَار فَوق المحاجر)

(وفى حاجبيها جزّة لغِرارة ... فان حُلّقا صَارا ثَلَاث غَرَائِر)

(وثديان أما وَاحِد فكموزة ... وَآخر فِيهِ قربَة للْمُسَافِر)
8 - قَالَ دعبل بن على الخزاعى
(أعوذ بِاللَّه من ليل يقربنى ... إِلَى مضاجعة كالدلك بالمسد)
9 - وَقَالَ عَاصِم بن خروعة النهشلى
(إِلَى الله أَشْكُو أَنَّهَا قد تنكّرت ... وأبدت لى الْبغضَاء أم مُحَمَّد)

(فقد تركتنى عِنْدهَا كمدلة ... يحاذر وَقعا من لِسَان وَمن يَد)

(كَأَن عَذَاب الْقَبْر تَحت ثِيَابهَا ... إِذا لصقت تَحت الخباء الممدد)

(فيا رب فرج كربتى قبل ميتتى ... بواضحة الْخَدين ريا الْمُقَلّد)

(فانى مَتى عاتبتها كَانَ عذرها ... وإعتابها إِن كنت غَضْبَان فازدد)

(هى الغول والشيطان لَا غول غَيرهَا ... وَمن يصحب الشَّيْطَان والغول يكمد)

(تعوذ مِنْهَا الْجِنّ حِين يرونها ... ويطرق مِنْهَا كل أَفْعَى وأسود)

(فانى لشاكيها إِلَى كل مُسلم ... وداع عَلَيْهَا الله فى كل مَسْجِد)
10 - وَقَالَ صحر بن الشريد السلمى جاهلى وَكَانَ قد سمع إمرأته تَقول لسائل عَنهُ لَا ميت فينعى وَلَا حى فيرجى
فَعلم أَنَّهَا برمت مِنْهُ وَرَأى أمه تحرق عَلَيْهِ وَكَانَ قد طعن طعنة كَانَ فِيهَا حتفه
(أرى أم صَخْر مَا تمل عيادتى ... وملت سليمى مضجعى ومكانى)

(وَمَا كنت أخْشَى أَن أكون جَنَازَة ... عَلَيْهَا وَمن يغتر بالحدثان)

(أهتم بِأَمْر الحزم لَو أستطيعه ... وَقد حيل بَين العير والنزوان)

(لعمرى لقد نبهت من كَانَ نَائِما ... وأسمعت من كَانَت لَهُ أذنان)

(وللموت خير من حَيَاة كَأَنَّهَا ... محلّة يعسوب بِرَأْس سِنَان)

(فأى امْرِئ سَاوَى بِأم حَلِيلَة ... فَلَا زَالَ إِلَّا فى شقاً وهوان)
11 - وَقَالَ مرقال الأسدى فى ابْنة عَم لَهُ ورهاء وَكَانَ قد دخل عَلَيْهَا يَوْمًا وهى متغضبة فَقَالَ مَا شَأْنك قَالَت لِأَنَّك لم تشبب بى كَمَا يشبب الرِّجَال ينائهم فَقَالَ
(تمت عُبَيْدَة إِلَّا فى محاسنها ... فالحسن مِنْهَا بِحَيْثُ الشَّمْس وَالْقَمَر)

(مَا خَالَفت الظبى مِنْهَا حِين تبصره ... إِلَّا سوالفها والجيد وَالنَّظَر)
12 - وَقَالَ شَقِيق بن السليك بن أَوْس الأسدى
(فِاما نكحت فَلَا بالرفاء ... وَإِمَّا ابتنيت فَلَا بالبنينا)

(وزوجت أشمط فى غربَة ... تجن الحليلة مِنْهُ جنونا)

(خَلِيل إِمَاء تقسّمنه ... وللمحصنات ضروبا مهينا)

(يُرِيك الْكَوَاكِب نصف النَّهَار ... وتلقين من بغضه الأقورينا)

(كَأَنَّك من بغضه فَاقِد ... ترجّع بعد حنين حنينا)

(معدّ بِلَا زلَّة تفعلين ... لظهركْ بالظلم سوطاْ متينا)
(فأبعدك الله من جَارة ... وألزمك الله مَا تكرهينا)
13 - وَقَالَ ذُو الْكِبَار عمار الهمذانى أموى الشّعْر
(إِن عرسى لَا هداها الله بنت لرباح)

(كل يَوْم تفزع الْجلاس مِنْهَا بالصياح)

(وَلها لون كداجى اللَّيْل من غير صباح)

(ولسان صارم كالسيف مشحوذ النواحى)

(عجل الله خلاصى من يَديهَا وسراحى)
14 - وَقَالَ أَبُو الغطمش الحنفى
(منيت بزنمردة كالعصا ... ألص وأخبث من كندش)
15 - وَقَالَ آخر
(إِن من غره النِّسَاء بشئ ... بعد هِنْد لجَاهِل مغرور)

(حلوة القَوْل وَاللِّسَان وَمر ... كل شئ أجن مِنْهَا الضَّمِير)
16 - وَقَالَ آخر
(فان ترفقى يَا هِنْد فالرفق أَيمن ... وَإِن تخرقى يَا هِنْد فالخرق أشأم)

(فَأَنت طَلَاق وَالطَّلَاق عَزِيمَة ... ثَلَاثًا وَمن يخرق أعق وأظلم)
17 - وَقَالَ جران الْعود
(لقد كَانَ لى فى ضرتين عدمتنى ... وَعَما ألاقى مِنْهُمَا متزحزح)

(هما الغول والسعلاة حلقى مهما ... مخدش مَا بَين التراقى مكدح)
18 - وَقَالَ أَبُو الطروق الضبى
(يَقُولُونَ أصدقهَا جوادا وقينة ... فقد جردت بيتى وَبَيت عياليا)
(وأبقت ضبابا فى الصُّدُور كوامناْ ... وَغَابَتْ فَلَا آبت سمير اللياليا)
19 - وَقَالَ آخر
(لَا تنكحن عجوزا إِن أتيت بهَا ... واخلع ثِيَابك مِنْهَا ممعنا هربا)

(فان أتوك فَقَالُوا إِنَّهَا نصف ... فَأن أطيب نصفيها الذى ذَهَبا)
20 - وَقَالَ ابو الزَّوَائِد الأعرابى
(عَجُوز ترجى أَن تكون فتية ... وَقد غارت العينان واحدودب الظّهْر)
(تدس إِلَى الْعَطَّار ميرة أَهلهَا ... وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر)

(وَمَا راقنى إِلَّا خضاب بكفها ... وكحل بعينيها وأثوابها الصفْر)

(وَجَاءُوا بهَا قبل المحاق بليلة ... فَكَانَ محاقا كُله ذَلِك الشَّهْر)
21 - وَقَالَ آخر
(إِذا خرجت لحاجتها أتتنى ... من الْكَذِب العجيب بِكُل لون)

(تعين علىّ دهرى مَا استطاعت ... وَلَيْسَت لى على دهرى بعون)
22 - وَقَالَ آخر
(صبرت على ليلى ثَلَاثِينَ حجَّة ... تعذبنى ليلى مرَارًا وتصخب)

(إِذا قلت هَذَا يَوْم ترْضى تنكّرت ... وَقَالَت فَقير سيئ الْخلق أشيب)

(فَقلت لَهَا قد يعسر الْمَرْء حقبة ... ويصبر وَالْأَيَّام فِيهَا تقلّب)

(فَلَمَّا رَأَيْت أَنَّهَا لى شائى ... تنكبتها وَالْحر يحمى ويغضب)

(وطلقتها أَنى رَأَيْت طَلاقهَا ... أعف وفى الأَرْض العريضة مَذْهَب)
23 - وَقَالَ آخر
(عدمت نسَاء الْمصر أَن نِسَاءَهُ ... قصار هواديها عِظَام بطونها)
(فَلَا تعط فى مصرية نصف دانق ... وَإِن ثقلت أردافها ومتونها)
24 - وَقَالَ آخر
(وزوجتها رُومِية هرمزية ... بِفضل الذى أعْطى الْأَمِير من الرزق)

(بِمهْر يسير وهى غَالِيَة بِهِ ... إِذا ذكر النسوان بالمنكح الصدْق)
25 - وَقَالَ بشار بن برد العقيلى
(على ألية مَا دمت حَيا ... أمسك طَائِعا إِلَّا بعودى)

(وَلَا أهْدى لأرض أَنْت فِيهَا ... سَلام الله إِلَّا من بعيد)

(فَخير مِنْك من لَا خير فِيهِ ... وَخير من زيارتكم قعودى)
26 - وَقَالَ قَتَادَة بن مَعْرُوف اليشكرى
(تجهزى للطَّلَاق وانصرفى ... ذَاك دَوَاء الجوامح الشَّمْس)
(مَا أَنْت بِالْجنَّةِ الْوَدُود وَلَا ... فِيك أرى خيرة لملتمس)

(لليلة الْبَين إِن ظَفرت بهَا ... آثر عندى من لَيْلَة الْعرس)
27 - وَقَالَ آخر
(أترجو العامرية زوج صدق ... وَقد زَادَت على مائَة سنوها)
(تطفطف مَا يُرِيد الزَّوْج مِنْهَا ... وأنتن من طَوِيل الْعُمر فوها)

(وَنقل رَحلهَا فى كل حى ... وجربت الرِّجَال وجربوها)
28 - وَقَالَ آخر
(إنى رَأَيْت عجبا مذ أمسا ... عجائزا مثل السعالى خمْسا)

(ياكلن مَا فى رحلهن همسا ... لَا ترك الله لَهُنَّ ضرسا)

(وَلَا لقين الدَّهْر إِلَّا تعسا ... )

لكل أمة حاضرة وبادية

كل أمة لها حاضرة وبادية،
فبادية العرب: الأعراب،
ويقال: إن بادية الروم: الأرمن ونحوهم
وبادية الفرس: الأكراد ونحوهم
وبادية الترك التتار.

العربي عند السلف



  • إن كان معروفا من هو العربي حين البعثة وقبلها فإنه مع الفتوح الإسلامية اختلط الأمر، فقد انقسمت العربية نسبا ولسانا ودارا، وابن تيمية يذكر أن أكثر الناس في زمانه مجهولو الأصل لا يدرون أمن نسل العرب هم أو من نسل العجم سواء كانوا عرب الدار واللسان أو عجما في أحدهما، وابن خلدون يذكر أن العرب الذين هاجروا إلى المغرب مثلا قد تفرقوا على القبائل، وكانت هجرات معاكسة كهجرة قبيلة كتامة المغربية إلى المشرق مع رابع الخلفاء الفاطميين المعز واختطوا القاهرة، ولم يتبق منهم في مواطنهم إلا القليل، لذلك أفلت المغرب من قبضتهم حينها.
  • فإذا كانت العربية قد انقسمت نسبا ولسانا ودارا فإن الأحكام تختلف باختلاف هذا الانقسام خصوصا النسب واللسان
    فإن ما ذكرناه من تحريم الصدقة على بني هاشم واستحقاق نصيب من الخمس ثبت لهم باعتبار النسب وإن صارت ألسنتهم أعجمية
  • وما ذكرنا من حكم اللسان العربي وأخلاق العرب يثبت لمن كان كذلك وإن كان أصله فارسيا وينتفي عمن لم يكن كذلك وإن كان أصله هاشميا
    والمقصود هنا أن ما ذكرته من النهي عن التشبه بالأعاجم إنما العبرة فيه بما كان عليه صدر الإسلام من السابقين الأولين فكل ما كان إلى هداهم أقرب فهو المفضل وكل ما خالف ذلك فهو المخالف سواء كان المخالف ذلك اليوم عربي النسب أو عربي اللسان وهكذا جاء عن السلف
    فروى الحافظ أبو طاهر السلفي في فضل العرب بإسناده عن أبي شهاب الحناط حدثنا جبار بن موسى عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي قال من ولد في الإسلام فهو عربي
    وهذا الذي يروى عن أبي جعفر لأن من ولد في الإسلام فقد ولد في دار العرب واعتاد خطابها وهكذا كان الأمر
    وروى السلفي عن المؤتمر الساجي عن أبي القاسم الخلال أنبأنا أبو محمد الحسن بن الحسين التولخي حدثنا علي بن عبد الله بن بشر حدثنا محمد بن حرب النشائي حدثنا إسحاق الأزرق عن هشام بن حسان عن الحسن عن أبي هريرة يرفعه قال من تكلم بالعربية فهو عربي ومن أدرك له اثنان في الإسلام فهو عربي هكذا فيه وأظنه ومن أدرك له أبوان
    فهنا إن صح هذا الحديث فقد علقت العربية فيه بمجرد اللسان وعلقت في النسب بأن يدرك له أبوان في الدولة الإسلامية العربية
    وقد يحتج بهذا القول أبو حنيفة على أن من ليس له أبوان في الإسلام أو في الحرية ليس كفؤا لمن له أبوان في ذلك وإن كان في العجمية والعتاقة
    ومذهب أبي يوسف ذو الأب الواحد كذي الأبوان
    ومذهب الشافعي وأحمد لا عبرة بذلك ونص عليه أحمد
  • لذلك فالعروبة شيء والنسب شيء آخر فليس بعربي من يتبنى ثقافة أعجمية وينسى العربية. كما أن أغلب علماء المسلمين كانوا من أصول غير عربية ينسبون إلى الفرس وإلى غيرهم وما خطوا حرفا واحدا بفارسية أو غيرها وكان لسانهم عربيا.
  • ومن تشبه من العرب بالعجم لحق بهم ومن تشبه من العجم بالعرب لحق بهم ولهذا كان الذين تناولوا العلم والإيمان من أبناء فارس إنما حصل ذلك بمتابعتهم للدين الحنيف بلوازمه من العربية وغيرها ومن نقص من العرب إنما نقص بتخليهم عن هذا وإما بموافقتهم للعجم فيما جاءت السنة أن يخالفوا فيه فهذا أوجه
    وأيضا فإن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان وصارت معرفته من الدين وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله
  • العربية لغة الإسلام
    جاء في اقتضاءالصراط لابن تيمية:
    ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية
    لقد اعتاد أهل الشام ومصر والعراق والمغرب العربية فأصبحوا عربا وترك أهل خراسان العربية فعادوا فرسا كما كانوا ومعهم من يساكنهم من الأصول العربية. لكن رغم مرور الزمن وتغير اللغات وتبدلها لا زالت العربية على حالها فقد حفظها الله بالقرآن، في حين تغيرت اللاتينية وتفرعت عنها عدة لغات رغم جهود الكنيسة من أجل الحفاظ عليها فلم يعد لرجال الدين أنفسهم دراية بها، ولازالت اللغات تتبدل وتتغير رغم اختراع المطابع التي حدت شيئا ما من هذا التغير، فتجد للفرنسية مثلا معاجم للقرن 14 ومعاجم للقرن 15 ... وبالأمس القريب كانت الأنجليزية لكن اليوم هناك أنجليزية وأمريكية. ورغم جمالية اللغة العربية وبنائها المنطقي تجد حاليا أبناءها معرضون عنها وظهرت حركات هنا وهناك مدعومة بالصهيونية تدعو إلى نبذ العربية وتبني بعض اللهجات كلغات رسمية، لأنها لغة الآباء والأجداد، فإن كانت اللاتينية لم تصمد فمن يضمن أن هذه اللهجات هي نفسها التي استعملها الأجداد؟ ومن يضمن أن العربية كانت لتصمد بدون القرآن؟ فأين هم الشعراء من عامة أعراب الجزيرة العربية وعربها؟
    لذلك فالعربية هي لغة الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية هي حضارة عربية.
    ولا تعارض مع أحكام الدين حين نسمي المغرب العربي فلا عبرة بالأنساب في هذا الحكم.
  • اعتياد الخطاب بغير العربية مكروه ومعرفتها فرض واجب
    من كتاب اقتضاء الصراط لابن تيمية:
    وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه
    ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه
    وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب فيظهر شعار الإسلام وأهله ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه.
    واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق
    وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
    ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية
    وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي
    وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم
    وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله

  • الأعراب جنسهم ناقص
وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل " التشبه بالبهائم " في الأمور المذمومة في الشرع مذموم منهي عنه : في أصواتها وأفعالها ; ونحو ذلك مثل : أن ينبح نبيح الكلاب ; أو ينهق نهيق الحمير ونحو ذلك . وذلك لوجوه : " أحدها " أنا قررنا في " اقتضاء الصراط المستقيم " نهي الشارع عن التشبه بالآدميين الذين جنسهم ناقص كالتشبه ; بالأعراب وبالأعاجم وبأهل الكتاب ونحو ذلك : في أمور من خصائصهم وبينا أن من أسباب ذلك أن المشابهة تورث مشابهة الأخلاق ; وذكرنا أن من أكثر عشرة بعض الدواب اكتسب من أخلاقها : كالكلابين والجمالين .

وذكرنا ما في النصوص من ذم أهل الجفاء وقسوة القلوب : أهل الإبل ومن مدح أهل الغنم ; فكيف يكون التشبه بنفس البهائم فيما هي مذمومة بل هذه القاعدة تقتضي بطريق التنبيه النهي عن التشبه بالبهائم مطلقا فيما هو من خصائصها وإن لم يكن مذموما بعينه ; لأن ذلك يدعو إلى فعل ما هو مذموم بعينه ; إذ من المعلوم أن كون الشخص أعرابيا أو عجميا خير من كونه كلبا أو حمارا أو خنزيرا فإذا وقع النهي عن التشبه بهذا الصنف من الآدميين في خصائصه ; لكون ذلك تشبها فيما يستلزم النقص ويدعو إليه : فالتشبه بالبهائم فيما هو من خصائصها أولى أن يكون مذموما ومنهيا عنه .

"صنف وَرَدَ النهي في السنة عن بعض خصاله، وهم الأعراب الذين لم يكمل دينهم.
فإن الأعراب- في الغالب- يتميزون بالجفاء والغلظة، والجهل بأحكام الله وحدوده، لذلك يكون فيهم الكفر والنفاق أشد من غيرهم.
فمن جهلهم- مثلًا- تسميتهم العشاء بالعتمة، كما ورد في السنة (1) وفعل المعاقرة خيلاء وفخرًا، وهم أسرع من غيرهم إلى العصبية الجاهلية والفخر بالأحساب، والطعن بالأنساب، كما أنهم أبعد عن الجمعة والجماعات، ونحو ذلك مما هو معروف عنهم، فكل هذه الصفات، التي توجد لدى الأعراب في الغالب، ولا تزال توجد لديهم غالبًا حتى الآن، يجب على المسلم أن يحذرها، ويحذر منها؛ لأن أغلبها صفات جاهلية، أو هي من سمات الجاهلية. وما هو من سمات الجاهلية وصفاتها التي محاها الإسلام فهو منهي عنه أيضًا.
"

samedi 25 mars 2017

انقسام أجذام العرب جملة

انقسام أجذام العرب جملة

جميع العرب يرجعون إلى ولد ثلاثة رجال: وهم عدنان، وقحطان، وقضاعة.

عدنان

عدنان من ولد إسماعيل بلا شك في ذلك، إلا أن تسمية الآباء بينه وبين إسماعيل قد جهلت جملة.

قحطان

وأما قحطان، فمختلف فيه من ولد من هو؟ فقوم قالوا: هو من ولد إسماعيل- عليه السلام-. وهذا باطل بلا شك..
وقد قيل إن قحطان من ولد سام بن نوح؛ والله أعلم؛ وقيل: من ولد هود عليه السلام؛ وهذا باطل أيضاً

قضاعة

وأما قضاعة فمختلف فيه: فقوم يقولون: هو قضاعة بن معد بن عدنان، وقوم يقولون: هو قضاعة بن مالك بن حمير؛ فالله أعلم.
ووجدنا فى كتب بطليموس، وفى كتب العجم القديمة، ذكر القضاعيين ونبذة من أخبارهم وحروبهم. فالله أعلم أهم أوائل قضاعة هذه وأسلافهم، أم هم غيرهم.
وبلاد قضاعة متّصلة بالشأم، وببلاد يونان والأمم التي بادت ممالكها بغلبة الروم عليها، وببلاد بنى عدنان، ولا تتصل ببلاد اليمن أصلاً. إلا أن الذي يقطع به، ويثبت، ويحقق، ويوقن، فهو أنه ليس على ظهر الأرض أحد يصل نسبه بصلة قاطعة، ونقل ثابت، إلى إسماعيل، ولا إلى إسحاق- عليهما السلام- نعني ابني إبراهيم خليل الله- صلى الله عليه وسلم- فكيف إلى نوح؟ فكيف إلى آدم؟

العرب العاربة

وأمّا الذين يسمّونهم العرب والنسّابون العرب العاربة كجرهم، وقطورا وطسم، وجديس، وعاد، وثمود، وأميم ، وإرم، وغيرهم، فقد بادوا؛ فليس على أديم الأرض أحد يصحح أنه منهم، إلا أن يدعي قوم ما لا يثبت.

وكذلك سائر ولد إبراهيم- صلى الله عليه وسلم- كمدين بن إبراهيم، وسائر إخوته؛ وكذلك بنو عمون المنسوبون إلى لوط عليه السلام. وكذلك ولد ناحورا أخي إبراهيم عليه السلام. وكذلك ولد عيصو بن إسحاق عليه السلام؛ فليس على وجه الأرض أحد يقال: «هذا منهم» ، على ما كانوا فيه من كثرة العدد.
فسبحان هادم الممالك، ومبيد القرون، ومفنى الأمصار، وماحى الآثار، الذي يرث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.

_______________________________
الكتاب: جمهرة أنساب العرب
المؤلف: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ)


dimanche 12 mars 2017

النهي عن التشبه بالأعاجم في المذهب المالكي

قال محمد بن رشد:
البرانس ثياب متان في شكل الغفائر عندنا، مفتوحة من أمام، تلبس على الثياب في البرد والمطر مكان الرداء، فلا تجوز الصلاة فيها وحدها إلا أن يكون تحتها قميص أو إزار وسراويل؛ لأن العورة تبدو من أمامه. وهذا في البرانس العربية، وأما البرانس الأعجمية فلا خير في لباسها في الصلاة ولا في غير الصلاة؛ لأنها من زي العجم وشكلهم. أما الخمائص فهي أكسية من صوف رقاق معلمة وغير معلمة يلتحف بها، كانت من لباس الأشراف في أرض العرب، فقوله: برنس يغدو به، يريد يلبسه على ما تحته من الثياب، وخميصة يروح بها، يعني يلتحفها على ما عليه من الثياب، والله أعلم، وبه التوفيق.

قال عمر: وإياكم وهذا التنعم وزي العجم.
قال محمد بن رشد: أما التنعم بالحلال فهو حلال وإن كان لا بد من السؤال عنه، قال الله عز وجل: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] وقال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لتسألن عن نعيم هذا اليوم في الطعام» الذي كان عمله لهم أبو الهيثم بن التيهان، وقد كان صنع لهم خبزا من شعير، وذبح لهم شاة، واستعذب لهم ماء، لكنه يكره من أجل أنه إذا اعتاد التنعيم فيما رزقه الله من المال قل فعله للخير فيه، وقد قال عمر بن الخطاب: إياكم واللحم فإن له ضراوة الخمر، وأدرك جابر بن عبد الله ومعه جمال لحم فقال ما هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين قرمنا إلى اللحم فاشتريت بدرهم لحما، فقال عمر: أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه عن جاره أو ابن عمه، أين تذهب هذه الآية؟ {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20] .
وأما زي العجم فمكروه للتشبه بهم، وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: «من تشبه بقوم فهو منهم، ومن رضي عمل قوم كان شريك من عمله» وقد جاء في لابسه أنه ملعون، وكذلك سيوفهم وشكلهم وجميع زيهم فهو مثله في اللعنة والكراهة، وروي «عن علي بن أبي طالب أن رسول الله نظر إلى رجل متنكب قوسا فارسية، فقال له يا صاحب القوس ألقها عنك فإنها ملعونة ملعون حاملها، وعليكم بهذه القسي العربية وبها الغنى، فبها يعين الله دينكم ويمكن لكم في البلد» فلا يجوز لأحد لبس شيء من زي العجم في صلاة ولا غيرها، ومن جهل فلبسه في صلاة فقد أساء، ولا إعادة عليه إن كان طاهرا، وبالله التوفيق.

لَوْ كَبَّرَ هَذَا بِالْعَجَمِيَّةِ وَسَبَّحَ أَوْ دَعَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَدْ أَنْكَرَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ جَمِيعَ ذَلِكَ لِنَهْيِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَطَانَةِ الْأَعَاجِمِ وَقَالَ إِنَّهَا خِبٌّ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَات الرطانة بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا مَعًا وَفَتَحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ كَلَامُهُمْ بِلِسَانِهِمْ وَالْخِبُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ بِوَاحِدَةٍ أَي مكر وخديعة قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَدْ تَأَوَّلَ جَوَازَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْكِتَابِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَيَجِبُ عَلَى الْعَجَمِيِّ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ مَا يَحْتَاجُهُ لِصَلَاتِهِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ أَسْلَمَ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَتَعَلَّمَ كَعَادِمِ الْمَاءِ الرَّاجِي لَهُ آخِرَ الْوَقْتِ إِنْ كَانَ يَجِدُ آخِرَ الْوَقْتِ مَنْ يُصَلِّي بِهِ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ لَهُ التَّأْخِيرُ

jeudi 2 mars 2017

السلالة الجينية E-m123 والنطوفيين

وفقا للتحاليل الجينية التي أجريت على ستة بقايا النطوفيين من شمال فلسطين، النطوفيين يتشاركون الصفة الوراثية E-Z830 وهي
السلالة الأب للسلالة E-M123).
ظهر النطوفيون Natufian culture في فلسطين وتحديدا في العصر الحديث الوسيط ما بين 10،000 - 8،000 سنة ق.م . وجاءت تسميتهم نسبة إلى وادي النطوف غربي القدس، وتعتبر الحضارة النطوفية الحضارة الأولى عن طريق تقدم الإنسان وارتقائه، فمن خلالها وصلت التحولات الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين قمتها، فبعد أن بلغ النطوفيون درجة عالية من التقدم وضع الأساس المادي والفكري المباشر للانعطاف الجذري والأهم في تاريخ البشرية، إلا أن أهم ما امتازت به هذه الحضارة انتقالها بالإنسان من مرحلة الصيد وجمع الطعام إلى مرحلة الزراعة وتدجين الحيوان، وبذلك تحول من الاقتصاد الاستهلاكي إلى الاقتصاد الإنتاجي، وكان القمح والشعير أول ما زرع الإنسان . وتفيد المراجع التاريخية عدم وجود أي دليل على ممارسة شعب آخر غير النطوفي للزراعة في مثل هذا العصر البعيد .
وتشير الدراسات أنه في الألف الخامسة ق.م دخلت فلسطين في طور جديد من أطوارها حين وفد إليها من قلب الجزيرة العربية قبائل العموريين والكنعانيين ومعهم اليبوسيين الذين تفرعوا عنهم ، وقد فرض الوافدون الجدد أنفسهم على سكان البلاد الذين ذابوا فيهم على مر الزمن ، وفيما بعد طبّعوا البلاد بطابعهم الخاص وحملت البلاد أسماءهم.
ويفيد المؤرخون أن التسميات لهذه البقعة من الأرض قد توالت ليطلق عليها فيما بعد "أرض كنعان" أو كنعان، كما نصت عليها تقارير قائد عسكري عند ملك -ماري- ووجدت بوضوح في مسألة "أدريمي"، ملك ألالاخ (تل العطشانة) من منتصف القرن الخامس عشر ق.م.

_____________________________
http://eurogenes.blogspot.com/2016/06/the-genetic-structure-of-worlds-first.html
http://www.nature.com/nature/journal/v536/n7617/full/nature19310.html